41/05/11
الموضوع: الاخبار العلاجية
هناك رواية من روايات التخيير لم نذكرها وهي مرسلة الكليني فذكر في ذيل موثقة سماعة (وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى ((بِأَيِّهِمَا أَخَذْتَ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ وَسِعَكَ )) [1] يعني باي الخبرين المتعارضين فظاهرها التخيير في الحديثين المتعارضين وهو المطلوب في المقام وقد اجاب عنها السيد الخوئي (قده) بانه ان كانت احدى الروايات السابقة فتقدم الجواب عنها وان كانت رواية مستقلة فهي مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها وظاهر هذا الكلام انه يشكك في كونها رواية مستقلة ويحتمل انها احدى الروايات المتقدمة ولكن الظاهر ان هذا التشكيك لا داعي له لان الظاهر انها رواية مستقلة ويدل على هذا هو ما ذكره في ديباجة كتاب الكافي فانه ذكر (فَاعْلَمْ يَا أَخِي ـ أَرْشَدَكَ اللهُ ـ أَنَّهُ لَايَسَعُ أَحَداً تَمْيِيزُ شَيْءٍ مِمَّا اخْتَلفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنِ الْعُلَمَاءِ (عليهم السلام) بِرَأْيِهِ ، إِلاَّ عَلى مَا أَطْلَقَهُ الْعَالِمُ (عليه السلام) بِقَوْلِهِ : اعْرِضُوهَا عَلى كِتَابِ اللهِ ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللهِ ـ عَزَّوَجَلَّ ـ فَخُذُوهُ ، وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللهِ فرُدُّوهُ » وَقَوْلِهِ (عليه السلام) : دَعُوا مَا وَافَقَ القَوْمَ ؛ فَإِنَّ الرُّشْدَ فِي خِلَافِهِمْ وَقَوْلِهِ (عليه السلام) خُذُوا بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَارَيْبَ فِيهِ َنَحْنُ لَانَعْرِفُ مِنْ جَمِيعِ ذلِكَ إِلاَّ أَقَلَّهُ ، وَلَا نَجِدُ شَيْئاً أَحْوَطَ وَلَا أَوْسَعَ مِنْ رَدِّ عِلْمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَى الْعَالِمِ (عليه السلام) ، وَقَبُولِ مَا وَسَّعَ مِنَ الْأَمْرِ فِيهِ بِقَوْلِهِ (عليه السلام) : بِأَيِّمَا أَخَذْتُمْ مِنْ بَابِ التَّسْلِيمِ وَسِعَكُمْ ))[2]
والاولى الاستدلال على التخيير بما ذكره في الديباجة لانه هنا نسبه الى قول الامام (عليه السلام) بينما هناك قال روي، فيكون حاله حال مراسيل الشيخ الصدوق فيما لو ارسل بقوله قال الصادق وبين ما لو قال روي عن الصادق (عليه السلام) ومن هنا قد يقال بانه يستظهر من هذه الرواية ان التخيير ثابت عند الشيخ الكليني (قده) ولذا اسنده الى الامام (عليه السلام) بضرس قاطع فإما ان يكون ثابتاً عنده بإخبار الثقات الذين يوجب اخبارهم الوثوق بالصدور، واما ان يكون قد ثبت عنده صدور هذا الكلام من الامام (عليه السلام) على نحو القطع واليقين لقرائن، ومن هنا قد يقال على كلا التقديرين يمكن الاعتماد على الرواية فعلى الأول يعني وجود اخبار ثقات وصلت اليه كما لو صحت عندنا رواية عالية السند رواها زرارة عن الامام (عليه السلام) فيصح للمجتهد ان يقول قال الامام، واما حصول القطع فان حصوله للشيخ الكليني (قده) في ذلك الزمان القريب من زمان الائمة (عليهم السلام) مع ما يتمتع به من ضبط شديد بحيث لم يأتي بعده احد مثله ولا كتاب ككتابه فيمكن القول بان الأمور التي اعتمد عليها في حصول الوثوق والقطع له بصدور هذه الرواية هي أسباب يتعارف حصول القطع والوثوق منها وليست أموراً غريبة بحيث لو وصلت الينا لما حصل لنا القطع، وهذا الاشكال كان هو الاشكال الأساسي في مراسيل الشيخ الصدوق (قده) حين يقول (قال الصادق (عليه السلام) فهو قاطع بالصدور الا ان قطعه ليس بحجة علينا لأنه قد يكون اعتمد على أمور لو وصلت الينا لما حصل لنا القطع والوثوق كما حصل له وهذا الاشكال يضعف جداً في حق الشيخ الكليني (قده) المعاصر للإمام (عليه السلام) فلو قال قال الصادق (عليه السلام) فلا بد ان نقول بحصول قطع لديه بصدور الحديث من الامام (عليه السلام) وهذا القطع والوثوق بحسب خصوصيات الشيخ الكليني الشخصية والزمانية لو كان ناشئاً من قرائن فلو وصلت الينا هذه القرائن لأفادت لنا الجزم والوثوق بصدور الرواية لأنها قرائن معتمدة على الحسيات لا انها قرائن اجتهادية، واذا قبلنا بذلك تكون هذه الرواية معتبرة ويمكن الاستدلال بها على التخيير في محل الكلام، ويضاف اليها الروايات التامة دلالة والتي لم تتم سنداً وهي روايات عديدة فمجموع هذه الروايات اذا اضفناها الى رواية الكليني قد يحصل الوثوق بصدور بعضها على الأقل فانه قد يحصل فيها الاستفاضة ومن هنا يظهر ان مجموع هذه الاخبار كاف لإثبات التخيير، وسياتي ان اخبار الترجيح مقدمة عليها فالتخيير هو الحل النهائي بعد فقد المرجحات المنصوصة اخبار الترجيح: وهي على طوائف:الطائفة الأولى: ما يدل على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة.
الطائفة الثانية: ما يدل على الترجيح بالشهرة.
الطائفة الثالثة: ما يدل على الترجيح بالأحدثية.
الطائفة الرابعة: ما يدل على الترجيح بصفات الراوي
اما الطائفة الأولى ففيها اخبار كثيرة:منها: مرفوعة زرارة فانه بعد ذكر الترجيح بالشهرة ذكر الترجيح بمخالفة العامة ((قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين ، قد رواهما الثقات عنكم ، قال : « ينظر ما كان حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة))[3]
وهي غير تامة سنداً فلا يعول عليها
ومنها: مقبولة عمر بن حنظلة ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا ، بينهما منازعة في دين أو ميراث ، فتحاكما ـ إلى أن قال : ـ فإن كان كلّ واحد اختار رجلاً من أصحابنا ، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما ، واختلف فيهما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم ؟ فقال : الحكم ما حكم به أعدلهما ، وأفقههما ، وأصدقهما ، في الحديث ، وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ، قال : فقلت : فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا ، لا يفضل واحد منهما على صاحبه ، قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به ، المجمع عليه ند أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه ـ إلى أن قال : ـ فإن كان الخبران عنكم مشهورين ، قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال : ينظر ، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة ، قلت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان الفقيهان عرفاً حكمه من الكتاب والسنّة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامّة ، والآخرمخالفاً لهم ، بأيّ الخبرين يؤخذ ؟ فقال : ما خالف العامّة ففيه الرشاد ، فقلت : جعلت فداك ، فإن وافقهما الخبران جميعاً ؟ قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر)) [4] ودلالتها على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة واضحة وقد استشكل في سندها باعتبار ان عمر بن حنظلة لم يذكر له توثيق في كتب الرجال، ولكن الشهيد الثاني في بعض التعليقات ذكر انه يمكن اثبات وثاقته بما رواه في الكافي عن يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ ، قَالَ :قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) : إِنَّ عُمَرَ بْنَ حَنْظَلَةَ أَتَانَا عَنْكَ بِوَقْتٍ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) : ((إِذاً لَايَكْذِبُ عَلَيْنَا ))[5] ومفادها وثاقته الا ان شيخ حسن (قده) قد اشكل على ابيه بان هذه الرواية لم تثبت صحتها ففيها يزيد بن خليفة الذي لم ينص على وثاقته فاسقط الرواية على هذا الاساس ولكن على القول بكبرى ان المشايخ الثلاثة لا يروون الا عن ثقة يمكن الاستدلال على وثاقة ابن خليفة برواية صفوان عنه بسند معتبر في الكافي باب كفارة الصوم