41/05/08
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في روايات التخيير، وذكرنا الروايتين الأولى والثانية
والرواية الثالثة: هي ما رواه الطبرسي (قده) في الاحتجاج والشيخ (قده) في الغيبة، وهي مكاتبة محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزمان (عليه السلام): يسألني بعض الفقهاء عن المصلّي إذا قام من التّشهد الأول إلى الركعة الثالثة ، هل يجب عليه أن يكبّر؟ فإنّ بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه التكبير ، ويجزيه أن يقول : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد؟
فكتب (عليه السلام) في الجواب : انّ فيه حديثين. أما أحدهما فإنّه إذا انتقل من حالة إلى حالة أخرى فعليه التكبير.وأما الآخر فإنّه روي إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثم جلس ثمّ قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى. وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً))[1]
والاستدلال يكون بذيل الرواية فقد ذكر الامام (عليه السلام) حديثين متعارضين ولعلاج حالة التعارض بينهما يقول الامام (عليه السلام) ((وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً)) وهذا ظاهر في التخيير بالعمل بإحدى الحجتين المتعارضتين وهو المقصود في المقام، بل الاستدلال بها أوضح من الاستدلال بالروايات الأخرى لان نفس الامام فرض حديثين متعارضين وعالج حالة التعارض بالتخيير فالرواية ناظرة الى التخيير في المسألة الأصولية
واعترض على الاستدلال بها بأمور:الأول: ما ذكره السيد الخوئي (قده) من كونها اجنبية عن محل الكلام بالمرة باعتبار انه لا تعارض بين الحديثين اللذين نقلهما الامام (عليه السلام) فان النسبة بينهما عموم وخصوص مطلق، فان الحديث الأول عام بينما الحديث الثاني وارد في مورد خاص فمورده القيام بعد التشهد او القيام بعد القعود من السجدة الثانية، ومقتضى القاعدة هو التخصيص بالالتزام بعدم استحباب التكبير في المورد الخاص، وهو يثبت في سائر الأحوال، فلا تخيير حينئذ واما ذيل الرواية فحيث ان المورد من المستحبات فهو يخير المكلف بين العمل بهذه الرواية والاتيان بالتكبير من باب الذكر وهو مستحب في جميع أحوال الصلاة بالرغم من ان هذا المورد الخاص لا يثبت فيه التكبير بمقتضى الصناعة، فالرواية ليست ناظرة الى المسالة الأصولية اذ ليس هناك حديثين بينهما تعارض مستقر ولكن يبدو ان السؤال لم يكن عن التكبير بعنوان الذكر المطلق وانما كان السؤال عن التكبير بعنوانه الخاص أي تكبير في القيام بعد التشهد او بعد السجود فالجواب الحقيقي يجب ان يكون بانه لا يجب التكبير في هذا المورد واما الاتيان بالتكبير من باب الذكر المطلق فهذا لا يناسب كون السؤال عن التكبير في المورد الخاص وهذا الجواب لا يفرق فيه بين القول بان المستحبات أجزاء من الصلاة -كما هو راي بعضهم- وبين القول بانها مستحبات استقلالية ظرفها الصلاة لا انها أجزاء منها؛ اذ لا يمكن الجمع بين الاستحباب والجزئية بمعنى ان الصلاة لا تتم الا بها مضافاً الى ان القول بان بين الحديثين عموم وخصوص مطلق مبني على افتراض ان قوله (عليه السلام) ((كذلك التشهد يجري هذا المجرى)) من متممات الحديث الثاني لا انها جملة اضافها الامام للحديثين والا فلا يكون بين الحديثين أي تعارض في مورد السؤال فان الحديث الثاني لا ينفي التكبير في مورد السؤال وانما ينفي التكبير في مورد اخر
وكونها من متممات الحديث الثاني غير واضح من الرواية لاحتمال كون الامام اضافها ليبين للسائل ان هذا يجري مجرى ما ورد في الحديث الثاني، وهذا يقرب جداً ان تكون الرواية ناظرة الى الترخيص الواقعي في المسألة الفرعية
الاعتراض الثاني: ان مورد الرواية هو الحديثان القطعيان؛ باعتبار ان قول الامام (عليه السلام) ان فيه حديثين ظاهر بانه يريد الحديثين الصادرين عن ابائه (عليهم السلام)، فلا يمكن ان نتعدى الى الحديثين الظنيين كما هو محل الكلام فإننا نحتمل ان جعل الامام للحجية التخييرية في الاحاديث القطعية اذا حصل فيها تعارض لمزيد اهتمامه بها، وهذا الاهتمام غير موجود في الاحاديث الظنية، ولا اطلاق في الرواية ليتمسك به لإثبات الحجية التخييرية في مورد الكلام
وفيه: انه ليس هناك وضوح في كون الرواية ناظرة الى الحديثين القطعيين فان ما فرضته الرواية هو ان فيه حديثين وليس هناك قرينة واضحة تدل على انها ناظرة الى التعارض بين الحديثين القطعيين، فلعلها تنظر الى الأحاديث الظنية التي هي محل ابتلاء المكلف