41/04/28
الموضوع: اخبار الطرح
ذكرنا بان الأقرب في تفسير هذه الطائفة من الاخبار ان يقال بان المقصود بالمخالفة فيها هو المخالفة لما هو حجة بالفعل وعلى هذا الأساس قلنا بانها لا تشمل المعارض للكتاب بنحو التعارض غير المستقر لان الخاص لا يعتبر معارضاً للكتاب بهذا النحو لان الكتاب ليس حجة بالفعل مع وجود الخاص
والذي يشهد لذلك هو رواية عبد الرحمن بن ابي عبد الله التي قراناها فان ظاهرها الفراغ من حجية الحديثين ولذا أوقع التعارض بينهما وهذا معناه ان الخبر لولا المعارض لكان حجة
والظاهر انه لا يستفاد من هذه الطائفة أكثر من عدم حجية الخبر المخالف لا نفي صدوره اذ لا يوجد فيها اللسان الموجود في الطائفة الأولى التي استفدنا منها نفي الصدور
وقد يقال بان هناك قرينة على استفادة نفي الصدور منها، والقرينة هي صدر الروايات فإنها عبرت (ان على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا) فيكون الخبر المخالف حينئذ لا نور عليه وهذا يعني انه لا يكون صادرًا منهم فالخبر الموافق للكتاب تثبت حقيته ويكون صوابًا وما لا نور عليه ليس بصادر
الا ان هذا تكلف واضح فان صدرها لا يدل على وجود ملازمة حقيقية بين كون الشيء حقًا وصوابًا وبين وجود ما يدل عليه وانما هو بلحاظ الغالب ففي غالب الأحيان يكون الحق عليه دلالة وينكشف ويتضح وتظهر معالمه، فالصواب عادة يكون عليه نور وتظهر حقانيته على أساس ذلك، فهذه الطائفة لا يفهم منها أكثر من نفي الحجية
البحث الاخر: نقلنا سابقاً عن السيد الخوئي (قده) التفرقة بين ما إذا كان الخبر مخالفًا لعموم قراني وبين ما إذا كان مخالفًا لمطلق من المطلقات القرآنية، والتزم بشمول اخبار الطرح للمخالف لعموم قراني دون المخالف لمطلق من المطلقات القرآنية اذ لا يصدق عليه انه مخالف للقران لان الاطلاق ليس مدلولًا للآية فان مدلولها هو ذات المطلق بينما اطلاقها ثابت بحكم العقل ببركة مقدمات الحكمة فليس الاطلاق مدلولًا لفظيًا للكتاب حتى يكون الخبر المخالف له مخالفًا للكتاب، وذكر بانه في حالة من هذا القبيل اذا فرضنا بان الخبر فيه اطلاق يقع التعارض بينهما ويتساقطان، بخلاف الخبر المخالف لعموم القران فانه يطرح عملًا بأخبار الطرح
وكلامه هذا فيه احتمالين:الاحتمال الأول: ان يكون مقصوده ان الاطلاق امر عدمي فهو مستفاد من سكوت المتكلم عن ذكر القيد وحينئذ سيكون الاطلاق عبارة عن دلالة عدمية لا لفظية فالإطلاق ليس مدلولًا للكلام فالخبر المخالف للإطلاق لا يصدق عليه انه مخالف للكتاب بخلاف المخالف للعموم فانه مدلول للكلام فيصح ان يقال انه مخالف للكتاب
الاحتمال الثاني: بناءً على ما أشار اليه بقوله ان الاطلاق يثبت بحكم العقل بمقدمات الحكمة فيحتمل ان يكون مقصوده ان الاطلاق ليس ظهورًا مستفادًا من الكتاب وانما هو مما يحكم به العقل، فالخبر المخالف للإطلاق القرآني هو في الحقيقة مخالف لحكم العقل لان الاطلاق مما يحكم به العقل ولا يشكل ظهورًا للكتاب
اما الاحتمال الأول فيلاحظ عليه بان الاطلاق وان كان مستفادًا من عدم ذكر القيد ولكن المفروض في محل الكلام ان السكوت عن ذكر القيد متصل بالكلام، فان عدم ذكر القيد المتصل بالكلام يعطي للكلام ظهورًا في الاطلاق والشمول لجميع الافراد
وأيضًا لو تنزلنا وسلمنا بان الاطلاق يشكل ظهورًا في الكلام الا انه لا فرق بين هذه الدلالة السكوتية والدلالة اللفظية في ان كلًا منهما يكون قطعي الصدور، وحينئذ نقول من الواضح بان اخبار هذه الطائفة والطوائف السابقة وان ركزت على المخالفة للكتاب ولكنهم قالوا بان الكتاب يؤخذ كمثال لما هو قطعي الصدور فكل ما كان مخالفًا لما هو قطعي الصدور فيجب رده، وهذه الدلالة السكوتية قطعية فتشملها اخبار الطرح
واما الاحتمال الثاني فالظاهر ان المقصود بحكم العقل ليس هو الاحكام والبراهين العقلية بل المقصود به ان المتكلم العقلائي إذا تكلم فظاهر حاله انه إذا أراد القيد فانه يذكره فلو كان القيد دخيلًا في الحكم لذكره لأنه في مقام البيان ولا مانع من ذكر القيد ولم يذكر قرينة على الخلاف فيكون ظاهر حاله انه لا يريد القيد
فالظاهر ان المخالفة تصدق من دون فرق بين ان يكون مخالفًا لعموم قراني او لإطلاق قراني