41/04/25
الموضوع: اخبار الطرح
الملاحظة الرابعة على الطائفة الثانية المتمثلة برواية ابن ابي يعفور: اننا نعلم بعدم مطابقة هذا المفاد للواقع فان كان المقصود من قوله (فالذي جاء به أولى به) هو عدم صدور الحديث منهم (عليهم السلام) فلاننا نعلم بصدور ما ليس عليه شاهد منهم (عليهم السلام)، وكذلك الحال إذا كان المقصود هو نفي الحجية فنحن نعلم بحجية خبر الثقة الذي ليس عليه شاهد من الكتاب والسنة في الجملة فالغالبية من اخبار الثقات لا شاهد عليها من الكتاب والسنة،
الطائفة الثالثة: ومفادها طرح ما خالف الكتاب الكريم وهي متمثلة بروايتين
الأولى: صحيحة جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ((الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، إنَّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلِّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه))[1]
والثانية: معتبرة السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ((قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله ) : إنَّ على كلِّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه))[2] ونحن نبني على وثاقة النوفلي فالرواية معتبرة سنداً،
وهذه الطائفة تشتمل على امرين:الاول: الامر بالاخذ بما وافق الكتاب، والثاني: الامر بترك ما خالف كتاب الله سبحانه
اما الامر بالاخذ بما وافق الكتاب الكريم فتارة نفهم منه جعل حجية تأسيسية للخبر اذا كان موافقاً للكتاب فمجرد كون الخبر موافقا للكتاب يكفي في حجيته وان لم تتحقق فيه ملاكات الحجية الاخرى بان لم يكن راويه ثقة مثلاً، واخرى نفهم بان الرواية في مقام الارشاد الى عدم المانع من حجية هذا الخبر الموافق للكتاب فان ذيل الرواية يأمر بطرح ما خالف الكتاب وهذا هو المانع من حجية الخبر بينما مع وجود الموافقة فليس هناك مخالفة فالعبارة الاولى ارشاد الى عدم المانع، ولكن هذا لوحده لا يكفي لاثبات الحجية بل نحتاج الى احراز مقتضي الحجية فلا بد من احراز بقية الشرائط المعتبرة في حجية الخبر
وقد يقال بالاول لانه لم يذكر في موضوع الحكم بوجوب الاخذ بالخبر الا كون الخبر موافقاً للكتاب فتكون الموافقة بعنوانها هي الملاك للحجية والشارع جعل الحجية لهذا الخبر بهذا الملاك، ومقتضى اطلاق الامر في الرواية هو لزوم الاخذ به سواء كان فيه ملاك اخر للحجية ام لم يكن
وقد يقال بالثاني باعتبار ان الموافقة في الامر الاول تارة تفسر بعدم المخالفة واخرى تفسر بان يكون مضمون الخبر موجوداً في الكتاب فعلى تفسير الموافقة بعدم المخالفة للكتاب فالاحتمال الاول (الموافقة بعنوانها هي ملاك للحجية) فالاشكال انه لا يمكن جعل حجية تاسيسية ويكون الملاك في جعلها هو عدم المخالفة للكتاب فان مناسبات الحكم والموضوع تمنع من ذلك
وعلى تفسير المخالفة بوجود مضمون الخبر في الكتاب فالاحتمال الاول الذي فسرها بجعل الشارع الحجية التاسيسية قد يكون مقبولاً عقلاً الا انه غير مقبول عرفاً لان العرف يعتبر جعل الحجية التاسيسية لخبر من هذا القبيل لغو وبلا فائدة
وعلى هذا الاساس يقال بان مفاد هذه الاخبار ليس جعل الحجية التاسيسية للخبر الموافق للكتاب فلا بد من تفسير الحديث بالتفسير الثاني وهو الارشاد الى عدم المانع من جعل الحجية للخبر الموافق للكتاب، فلا بد من البحث عن مقتضي الحجية
واما الامر الثاني: وهو الامر بطرح ما خالف الكتاب، فموضوع الامر بالترك هو الخبر المخالف للكتاب
ومقتضى اطلاق هذا الامر شموله للخبر المخالف بنحو التباين وبنحو العموم من وجه والمخالفة بنحو التخصيص والتقييد والحكومة ولا احد يلتزم بطرح الخبر المخصص لاية من ايات الكتاب ولا الحاكم ولا المقيد لها
وجوابه:اولا: المنع من صدق المخالفة في باب التخصيص والتقييد والحكومة فتختص المخالفة بالتعارض المستقر ولا تشمل التعارض غير المستقر باعتبار ان الخاص قرينة على المراد من العام وكذلك المقيد والحاكم بالنسبة للمحكوم والمطلق
وثانيا: نحن نعلم علماً اجمالياً بصدور مخصصات لعمومات الكتاب ومقيدات لمطلقاته، وهذا العلم الاجمالي تارة يراد جعله بمثابة القرينة المتصلة بحيث تصرف المخالفة فيها الى المخالفة بنحو التعارض المستقر، واخرى نقول بان هذا العلم الاجمالي يوجب وقوع التعارض بين الاطلاقات القرانية فاننا نعلم ان بعض هذه المطلقات له مقيد قد صدر عن الامام (عليه السلام) وهذا يساوق العلم بان بعض المطلقات مقيد لا يراد به اطلاقه ومثل هذا العلم الاجمالي يمنع من الاخذ بكل المطلقات لان كل مطلق طرف لهذا العلم، فلا تجري اصالة الاطلاق في اي مطلق لانها معارضة باصالة الاطلاق في باقي المطلقات ولا يمكن اجرائها في الجميع لوجود العلم الاجمالي بورود التقييد على بعض هذه المطلقات.