41/04/21
الموضوع: اخبار الطرح
الكلام في شمول اخبار الطرح للمخالف للكتاب بنحو العموم والخصوص من وجه وقلنا بان هناك رأيين في المسالة
الأول: القول بالشمول وقد تبناه السيد الخوئي (قده) معللاً ذلك بان موضوع هذه الاخبار هو الخبر المخالف للكتاب بنحو لا يمكن الجمع بينهما جمعاً عرفياً وهذا يشمل العموم والخصوص من وجه فانه لا يمكن الجمع بين المتعارضين بنحو العموم والخصوص من وجه في مادة الاجتماع
وفي موضع اخر من تقريراته فصل بين عدة حالات:الحالة الأولى: لو كان كل من العموم القرآني وعموم الخبر ثابتاً بالوضع ففي هذه الحالة تكون مشمولة لأخبار الطرح لانهما متباينان في مادة الاجتماع، فيبقى الخبر على حجيته في مادة افتراقه عن العام القرآني ويسقط عن الحجية في مادة الاجتماع، وهذا يلزم منه التبعيض في الحجية، وأجاب بان المحذور في التبعيض في الحجية بلحاظ السند لان السند الواحد غير قابل للتبعيض، وما يلزم من التبعيض في الحجية في المقام هو التبعيض فيها في المفاد لان الخبر في المقام له مفادان احدهما في مادة الاجتماع والأخر في مادة الافتراق واحدهما له معارض مقدم عليه فيسقط عن الحجية في مادة الاجتماع دون مادة الافتراق، وهذا لا محذور فيه
الحالة الثانية: إذا كان كل من العموم في العام القرآني والعموم في الخبر ثابتاً بالإطلاق ففي هذه الحالة يسقط الاطلاقان في مادة الاجتماع، ولا يمكن تقديم الاطلاق القرآني على إطلاق الخبر في مادة الاجتماع كما في الحالة السابقة؛ لان الاطلاق لا يستفاد من الآية القرآنية لان مفاد الآية هو ذات المطلق لا إطلاق المطلق فانه شيء يحكم به العقل، فاذا تمت مقدمات الحكمة يثبت ان الحكم معلق على الطبيعة من دون أي قيد فيها، وهنا يأتي حكم العقل بثبوت الحكم في جميع افراد الطبيعة وهو معنى الاطلاق
وبناءً على هذا تكون المعارضة بين الاطلاقين لا بين الخبر والآية لان الاطلاق ليس جزءاً من مفاد أي منهما وانما مفاده هو ذات الطبيعة غير المقيدة ولذا لا بد من الالتزام بوقوع التعارض بين الاطلاقين فيتساقطان في مادة الاجتماع
الحالة الثالثة: إذا كان العموم في الكتاب وضعياً بعكس الخبر فعمومه ثابت بالإطلاق، فحكم هذه الصورة حكم الصورة الأولى فيقدم العموم القرآني لان العموم الوضعي يصلح لان يكون قرينة مانعة من انعقاد الاطلاق في الخبر، فيقدم العموم القرآني بمعنى سقوط الخبر عن الاعتبار في مادة الاجتماع
واما إذا فرضنا العكس بان كان عموم الكتاب اطلاقياً وعموم الخبر وضعياً فيقدم عموم الخبر على إطلاق الكتاب لان العموم الوضعي يمنع من انعقاد الاطلاق في مورده فان العموم الوضعي يصلح لان يكون قرينة على الخلاف فلا تتم مقدمات الحكمة فلا ينعقد الاطلاق في الآية الكريمة، فنعمل بالخبر في مادة الاجتماع
ومن هنا يتبين ان فرض الاطلاق في أحدهما يخرجه عن محل البحث لان العموم الوضعي يمنع من الاطلاق، وإذا كان كل منهما ثابتاً بالإطلاق ومقدمات الحكمة يتعارضان ويتساقطان في مادة الاجتماع، والفرض الوحيد الذي يقع الكلام في شمول اخبار الطرح له هو ما إذا كان كل منهما ثابت بالوضع، وقد ذهب (قده) الى شمول اخبار الطرح للخبر المخالف لعدم امكان الجمع بينهما جمعاً عرفياً في مادة الاجتماع، وموضوع اخبار الطرح هو الخبر المخالف للكتاب بنحو لا يمكن الجمع بينهما جمعاً عرفياً
ولكن الذي يظهر من كلمات السيد الشهيد (قده) ان اخبار الطرح لا تشمل الخبر المخالف بنحو العموم والخصوص من وجه باعتبار ان الذي يفهم عرفاً من اخبار هذه الطائفة بقرينة لسان الاستنكار والتحاشي فيها هو ان المراد ما يكون مخالفاً للكتاب، بمعنى لا يصدر منهم الخبر المخالف الذي يستلزم طرح الكتاب وتكذيبه، واما اذا لم يكن مستلزماً لذلك فلا تشمله اخبار الطرح وهذا يشمل العموم المطلق ويشمل ما نحن فيه أي الخبر المخالف بنحو العموم والخصوص من وجه فانه لا يستلزم طرح الكتاب ولا تكذيبه، وبناءً على هذا الطرح تختص اخبار الطرح بحالة التباين دون غيرها
ويمكن ان يقال بان الصحيح هو ما ذكره السيد الخوئي (قده) باعتبار ان الوارد في اخبار هذه الطائفة هو عبارة (ما لا يوافق كتاب الله) وهي شاملة للمعارضة بنحو العموم والخصوص من وجه، فمثلاً لو قال الكتاب (الربا بين الأقارب حرام) وقال الخبر (الربا مع أصحاب الديانات الأخرى جائز) فهذا الخبر لا يوافق الكتاب في مادة الاجتماع
بل لو غضضنا النظر عما ذكرناه سابقاً يمكن ان يقال بان هذا التعبير يشمل حتى مورد العموم والخصوص المطلق فان الخاص لا يوافق العام، وانما لم نلتزم بشمول اخبار الطرح لهذا المورد لما ذكرناه من القطع بصدور ما يخالف الكتاب بنحو التخصيص والتقييد منهم (عليهم السلام)
وهذا يشكل قرينة على اننا لا بد ان نفسر المخالفة وعدم الموافقة بما ذكره السيد الخوئي (قده) أي المخالفة بينهما على نحو لا يمكن الجمع بينهما عرفاً باعتبار ان العبارة لها قابلية الشمول حتى للعموم والخصوص المطلق ولكن حيث لا يمكن الالتزام بذلك فلا بد من إخراجها من اخبار الطرح فتختص اخبار الطرح بغيرها
مضافاً الى ان ما ذكره السيد الشهيد (قده) -من ان المقصود بالمخالفة هي التي تكون على نحو يستلزم طرح الكتاب وتكذيبه- تقييد زائد على العبارة والظاهر ان دليله عليه هو لسان الاستنكار والتحاشي،
واذا كان هذا دليله نقول: ان الخبر المخالف بنحو العموم والخصوص من وجه أيضاً يستنكر صدوره منهم اذ ليس فيه جمع عرفي وان كان الاستنكار أوضح واشد في صورة التباين، فاذا كانت القرينة على القيد الذي اضافه هو مسالة الاستنكار فهذا غير واضح فان الاستنكار موجود حتى في صورة العموم والخصوص من وجه
الطائفة الثانية: ما دل على ان العمل بالرواية مشروط بان يكون عليها شاهد من كتاب الله او من قول رسول الله (صلى الله عليه واله)
وهي تتمثل برواية ابن ابي يعفور، وسندها ليس فيه من يخدش فيه الا عبد الله بن محمد فهو مردد بين اشخاص كثيرين جداً ولعل من أسقط الرواية عن الاعتبار اسقطها لهذا السبب، ولكن الظاهر ان المراد به هو عبد الله بن محمد بن عيسى المعروف ببنان وهو أخو احمد بن محمد والقرينة هي رواية محمد بن يحيى العطار عنه فهو يروي عن عبد الله بن محمد بن عيسى في تسع وثمانين مورداً على ما ذكره السيد الخوئي (قده) ويروي عنه بعنوان عبد الله بن محمد في موارد عديدة
نعم هو لم ينص على وثاقته، ولكن روى عنه اجلاء الطائفة مثل سعد بن عبد الله الاشعري وعلي بن إبراهيم ومحمد بن الحسن الصفار والحميري ومحمد بن يحيى العطار الذي أكثر الرواية عنه، والظاهر ان هذا المقدار يكفي لإثبات وثاقته