الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: انقلاب النسبة

كان الكلام في تحديد الموقف إذا لم نؤمن بانقلاب النسبة في الموارد التي يتوهم فيها انقلاب النسبة وقلنا بان الموقف يبين في حالة من الحالات التي تنقلب فيها النسبة وهي حالة ما إذا كان عامان وورد المخصص على أحدهما

وذكر السيد الشهيد[1] (قده) بانه لا بد من التمييز بين حالات للفرض الذي نتكلم فيه:

الحالة الأولى: ما إذا كان العام المخصص ظني سنداً وجهة والعام الاخر تارة نفترضه ظني وأخرى قطعي وقد تقدمت

الحالة الثانية: ما إذا كان العام الأول المخصص قطعياً سنداً وجهة بمعنى ان تكون الإرادة الجدية بلحاظ أصل الحكم قطعية ولكن نحتمل عدم الجدية في عمومه، وفي هذه الحالة يحصل القطع بثبوت مفاد العام الأول في الجملة بنحو القضية المهملة المرددة بين الكلية والجزئية بمعنى ان الزوجة في الجملة لا ترث ولازم هذا القطع حصول القطع بكذب عموم العام الثاني،

والمخصص بعد وروده يدل على قضية شرطية مفادها (لو كان حكم العام المخصص ثابتاً في الجملة لثبت في غير ام الولد)، وشرطها محرز بالقطع لان الحكم في العام الأول ثابت في الجملة قطعاً، فسوف يثبت جزائها ومفاده ان هذا الحكم ثابت في غير ام الولد بنحو القضية المهملة، والنتيجة ان بعض الزوجات غير ام الولد لا ترث قطعاً ونسبة هذا المفاد الى العام الثاني نسبة الخاص الى العام فيكون قرينة عليه ويتقدم عليه بالتخصيص فيخصص العام الثاني ويخرج منه قضية مهملة بل ما يبقى تحت العام بعد اخراج الخاص منه أيضاً قضية مهملة لان اجمال المخصص يسري الى العام

والنتيجة ان ما يمكن ان نلتزم به في هذا المثال بناءً على عدم انقلاب النسبة ان الزوجة ام الولد ترث من العقار، وما عداها فيها زوجة لا ترث من العقار والباقي ترث

نعم يستثنى من هذا حالة ما إذا كان للقضية المهملة قدر متيقن فحينئذ لا بد من تخصيص العام الثاني به ونقتصر في التخصيص على هذا القدر المتيقن وما زاد عليه يبقى مورداً للتعارض بين العامين واما إذا لم يكن له قدر متيقن يكون من موارد اجمال المخصص ودورانه بين المتباينين فيتشكل علم اجمالي بالتخصيص وهذا العلم الإجمالي لا ينتج شيئاً

فعلى القول بانقلاب النسبة تكون النتيجة مختلفة في هذا المورد عنها على القول بعدم انقلاب النسبة

الحالة الثالثة: ان يكون العام المخصص ظني السند قطعي الجهة أي ان أصل الحكم مراد جداً قطعاً، وفي هذه الحالة نصل الى نفس النتيجة التي وصلنا اليها في الحالة السابقة

وتوضيحه ان العام المخصص فيه دالان ومدلولان الأول كلام الراوي ومدلوله صدور الحديث من الامام (عليه السلام) والدال الثاني كلام الامام ومدلوله الحكم الشرعي الثابت ببركة اصالة العموم وهو عدم ارث الزوجة مطلقاً، وهذه قضية عامة تتمثل في احكام متعددة ثابتة بعدد افراد الموضوع وكل واحد من هذه الموضوعات المتعددة في العام الأول معارض بمثله في العام الثاني فكل فرد من افراد العام تقع فيه المعارضة بين العام الأول والعام الثاني

والمدلول الثاني ليس قضية مهملة وانما هي قضية عامة تتمثل باحكام متعددة بعدد افراد الموضوع، وقبل دخول الخاص سنجد ان المعارضة بين العامين تسري الى سند الخبر الأول ظني السند، باعتبار ان العام الثاني ينفي الحكم الأول، فاذا كان الحكم الأول قطعياً على تقدير صدوره كما هو المفروض فالعام الثاني يكون نافياً لصدوره

والمدلول الأول لكلام الراوي يدل على ثبوت الحكم في العام الأول بنحو القضية المهملة أي ثبوت الحكم بعدم ارث الزوجة في الجملة لان المفروض في المقام اننا نقطع بالجهة وان الحكم على تقدير صدوره فهو مراد جداً وان اصل الحكم صدر لغرض بيان الحكم الواقعي، فكلام الامام فيه دلالة على ثبوت هذا الحكم بنحو القضية المهملة


[1] بحوث في علم الأصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج7، ص309.