الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: انقلاب النسبة

الحالة الثالثة من الصورة الثانية: ما إذا ورد عامان متعارضان بنحو التباين مع ورود المخصص، وهذه الحالة فيها عدة صور يجمعها ان العامين فيها متباينان

الصورة الأولى: إذا كان الخاص مخصصاً لكلا العامين كما اذا ورد (يستحب الصدقة على كل فقير) وورد (تكره الصدقة على أي فقير) وورد الخاص (تحرم الصدقة على الفقير الفاسق) وهو يخصص كلا العامين فيختص دليل الاستحباب بالفقير غير الفاسق وكذا دليل الكراهة، فهذا المخصص لا اثر له في انقلاب النسبة لأنه يخرج من العام الأول نفس ما يخرجه من الثاني، وفي هذه الحالة يتعين تخصيص كلا العامين بهذا المخصص ونتعامل مع العامين معاملة المتعارضين بنحو التباين،

الصورة الثانية: اذا كان الخاص مخصصاً لاحدهما فقط كما اذا كان المخصص في المثال السابق (لا تستحب الصدقة على الفقير االفاسق) فانه يخصص العام الأول دون الثاني اذ لا منافاة بينهما، ومثاله الفقهي هو الأدلة الواردة في ارث الزوجة من العقار، فطائفة تدل على انها لا ترث من العقار بقول مطلق، وهناك ادلة تدل على انها ترث من العقار مطلقاً، وهناك ادلة على ان الزوجة ترث من العقار اذا كانت ام ولد او لها ولد، وهذا يخصص الدليل الأول دون الثاني لأنه موافق له، ولعل هذا من المصاديق الواضحة لانقلاب النسبة اذا امنا بها لان هذا الخاص لما كان مخصصاً لاحد العامين فيخرج من العام الأول ام الولد او الفقير الفاسق في المثال الأول، ولا اشكال في ان العام الأول بعد التخصيص تنقلب نسبته الى العام الثاني من التباين الى العموم والخصوص المطلق لأنه حينئذ يكون اخص مطلقاً من الدليل الاخر

فتصبح النتيجة: استحباب الصدقة على الفقير العادل وعدم استحبابها على الفقير الفاسق بل كراهتها عليه عملاً بالعام الثاني بعد تخصيصه بالعام الأول

الصورة الثالثة: ما إذا ورد مخصصان، لكل عام مخصص، فهنا توجد فروض:

الأول: إذا لم يوجد تعارض بين المخصصين، كما إذا دل الدليل على كفاية الغسل مرة واحدة في التطهير وعدم اعتبار التعدد وفي المقابل توجد ادلة على اعتبار التعدد، وورد في دليل ثالث اعتبار التعدد إذا كان الغسل بالماء القليل فهو مخصص للعام الأول دون الثاني لانهما متوافقان الا إذا قلنا بان له مفهوم فيخصص الثاني الا ان فرض الكلام في ما لو لم يكن له مفهوم، وورد في دليل رابع لا يعتبر التعدد اذا كان الغسل بالماء الجاري وهو يخصص العام الثاني دون الأول للتوافق بينهما

وقالوا هنا تنقلب النسبة بين العامين من التباين الى العموم والخصوص من وجه بعد تخصيص كل منهما بمخصصه ويتعارضان في مادة الاجتماع وهي الغسل بالكر، فان العام الأول يختص بغير الماء القليل والعام الثاني يختص بالغسل بالماء غير الجاري وكلاهما صادق على الكر، وكل من العامين له موارد تخصه وهي موارد افتراقه عن العام الثاني فمادة افتراق الأول عن الثاني هي الماء الجاري ومادة افتراق الثاني عن الأول هي الماء القليل، ولا مانع من العمل بالدليلين في مورد افتراقه عن الاخر فانه لا معارض له في هذه المادة

والنتيجة: ان الغسل بالكر هو مورد التعارض، ونلتزم بعدم اعتبار التعدد في الغسل بالماء الجاري اما عملاً بالخاص او عملاً بالعام الأول بعد تخصيصه، ونلتزم بالتعدد في الغسل بالقليل اما عملاً بالخاص او بالعام الثاني في مورد افتراقه عن العام الأول