41/03/28
الموضوع: انقلاب النسبة
كان الكلام السابق في الصورة الأولى وهي ما إذا وجد عام وخاصان، والصورة الثانية ما إذا كان عامان بينهما عموم وخصوص من وجه وخاص وهذه الصورة لها حالات:
الحالة الأولى: إذا كان مورد الخاص مادة الاجتماع بين العامين كما إذا ورد (أكرم العلماء) وورد (لا تكرم الفساق) وورد (يكره اكرام العالم الفاسق) ففي هذه الحالة الدليل الثالث أخص مطلقاً من أكرم العلماء كما انه أخص مطلقاً من لا تكرم الفساق فاذا لاحظنا الخاص بالنسبة الى الدليل الأول فانه يخصصه ومقتضى هذا التخصيص هو اختصاص أكرم العلماء بالعالم غير الفاسق لان الفاسق حكمه كراهة الاكرام ومن جهة أخرى إذا لاحظنا الخاص (يكره اكرام العالم الفاسق) بالنسبة الى الدليل الثاني (لا تكرم الفساق) فان النسبة هي العموم المطلق ومقتضى القاعدة انه يخصصه فيختص لا تكرم الفساق بعد التخصيص بخصوص الفاسق غير العالم
وبهذا يرتفع التعارض بينهما فان أكرم العلماء يختص بالعالم العادل ولا تكرم الفساق يختص بالفاسق غير العالم، فيختص كل من العامين بمادة افتراقه عن الاخر
والنتيجة هي وجوب اكرام العالم غير الفاسق عملاً بالعام الأول وحرمة اكرام الفاسق الجاهل عملاً بالعام الثاني، والحكم الثالث كراهة اكرام العالم الفاسق، وهذا لا بد من الالتزام به ولا يوجد انقلاب للنسبة
الحالة الثانية: إذا كان الخاص وارداً على مورد افتراق أحدهما عن الاخر كما إذا ورد (يستحب اكرام العلماء) وورد في دليل اخر (يحرم اكرام الفساق) فالنسبة بينهما عموم وخصوص من وجه ثم ورد (يجب اكرام العلماء العدول)، فان العلماء العدول هي مادة افتراق الدليل الأول عن الثاني، فهنا يقع التعارض بين العام الأول والعام الثاني بنحو العموم والخصوص من وجه فيتعارضان في مادة الاجتماع وهي العالم الفاسق
والنسبة بين يستحب اكرام العلماء والدليل الخاص (يجب اكرام العلماء العدول) عموم وخصوص مطلق فيقدم الخاص وبه يخرج العدول عن العام فيختص العام بالعلماء غير العدول، وبهذا تنقلب نسبته مع العام الثاني من العموم والخصوص من وجه الى العموم والخصوص المطلق فيقدم عليه بالتخصيص، فنلتزم باستحباب اكرام العالم الفاسق وحرمة اكرام الفاسق غير العالم ووجوب اكرام العالم العادل، بناءً على الايمان بكبرى انقلاب النسبة
وهناك فرض اخر في هذه الحالة وهي ما إذا ورد الخاص على بعض مادة افتراق أحدهما عن الاخر ومثاله ما إذا ورد (يستحب اكرام العلماء) وورد في دليل اخر (يحرم اكرام الفساق)، ودل الخاص على (وجوب اكرام العلماء الفقهاء العدول)، فهنا لا مجال لانقلاب النسبة بل يبقى التعارض بين العامين من وجه كما كان قبل التخصيص، فبعد اخراج العالم الفقيه من العام يبقى العام شاملاً لجميع العلماء غير الفقيه العادل فتكون نسبته الى العام الثاني هي العموم والخصوص من وجه، وهي ذات النسبة الموجودة قبل التخصيص ولذا لا مجال لانقلاب النسبة
الحالة الثالثة: إذا ورد المخصص على مادة افتراق كل من العامين من وجه عن الاخر بان كان لدينا عامان وخاصان، كما إذا ورد (يستحب اكرام العلماء) وورد (يكره اكرام الفساق) وورد في مادة افتراق الدليل الأول عن الثاني (يجب اكرام العالم العادل) وورد في مادة افتراق الثاني عن الأول (يحرم اكرام الفاسق الجاهل)
ففي هذه الحالة يقع التعارض بين دليل الاستحباب ودليل الكراهة بنحو العموم والخصوص من وجه
والنسبة بين دليل الاستحباب مع يجب اكرام العلماء العدول هي العموم والخصوص المطلق فيخصصه ويختص دليل الاستحباب بالعالم الفاسق
والنسبة بين دليل الكراهة ودليل يحرم اكرام الفاسق الجاهل هي العموم والخصوص المطلق فيخصصه فيختص دليل الكراهة بالفاسق غير الجاهل أي العالم الفاسق
وبعد تخصيص كل من العامين تنقلب النسبة بينهما من العموم والخصوص من وجه الى التباين لدلالة أحدهما على استحباب اكرام العالم الفاسق ودلالة الاخر على كراهته فلا بد من تطبيق قواعد باب التعارض بين هذين العامين فقد يسقطان معا في ما اذا لم يكن مرجح ولم نقل بالتخيير
واما الخاصان فلا يدخلان في المعارضة فيمكن العمل بهما معاً، فنلتزم بوجوب اكرام العلماء العدول وحرمة اكرام الفاسق الجاهل.