الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: انقلاب النسبة

كان الكلام في الصورة الأولى وهي ما اذا كان لدينا عام وخاصان وقلنا فيها حالات وتقدم الكلام حول الحالة الأولى والثانية والكلام فعلاً في

الحالة الثالثة: إذا كان بين الخاصين عموم مطلق كما في قولنا (أكرم العلماء) وقولنا (لا تكرم الفاسق) وقولنا (لا تكرم العالم مرتكب الكبيرة) والنسبة بين الفاسق ومرتكب الكبيرة هي العموم المطلق لان كل مرتكب للكبيرة فاسق دون العكس

وذهب السيد الخوئي والسيد الشهيد (قدهما) الى انه لا بد من تخصيص العام بهما معاً في عرض واحد حتى لو آمنا بانقلاب النسبة والسر فيه ان نسبة كل من الخاصين الى العام نسبة واحدة ومقتضى التخصيص موجود في كل منهما فان كون الخاص الثاني اعم من الخاص الأول لا يعني عدم كونه أخص من العام، ولكنهم ذكروا أيضاً بان هذا الكلام انما يتم إذا لم يكن للخاص الأخص مفهوم كما مثلنا،

وقد يقال بلزوم اللغوية من تخصيص العام بهما معاً في عرض واحد فتخصيص العام بالخاص الأخص لغو بعد تخصيصه بالخاص الاعم، وجوابه هو الجواب عن ورود العام والخاص المتوافقين مثل أكرم العلماء ثم يقول أكرم العلماء العدول مع افتراض ان الثاني لا مفهوم له، والجواب ان الغرض في بعض الأحيان التأكيد على الخاص اما لأهميته او لوقوعه مورد السؤال كما في قوله (في الغنم السائمة زكاة) مع افتراض وجوب الزكاة في مطلق الغنم، وهذا له مثال في الروايات فهناك رواية تنهى عن الائتمام بشارب الخمر ورواية تنهى عن الائتمام بالفاسق والنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق.

واما إذا كان للخاص الأخص مفهوم كما إذا قال (لا تكرم العالم إذا ارتكب الكبائر)، ومفهومه (العالم إذا لم يرتكب الكبيرة أكرمه) ومقتضى اطلاقه شموله لمرتكب الصغيرة فهو ينافي الخاص الاخر (لا تكرم العالم الفاسق) فيتعين في المقام تخصيص الخاص الاعم بمفهوم الخاص الأخص فيخرج منه العالم غير مرتكب الكبيرة فيختص الخاص الاعم بالفاسق مرتكب الكبيرة وبذلك يتحد ويتوافق مع الخاص الاخر فيخصص العام

فالمتعين حينئذ تخصيص الخاص الاعم بمفهوم الخاص الأخص فيكون بذلك موافقاً للأخص فيكون مفاد الخاصين حينئذ واحداً وهو حرمة اكرام العالم مرتكب الكبيرة فيخصص به العام وحينئذ لا مجال لتوهم انقلاب النسبة

فما ذكراه من ان كلا الخاصين يخصصان العام في عرض واحد ليس مطلقاً وانما يثبت في حالة ما إذا لم يكن للخاص الأخص مفهوم، والا فان النتيجة هي تخصيص العام بهذا المفاد المتحد، فيخرج من العام خصوص مرتكب الكبيرة

بينما إذا خصصنا العام بهما معاً في عرض واحد يخرج من العام مطلق الفاسق لا خصوص مرتكب الكبيرة

هذا إذا كان الخاصان منفصلين عن العام، واما إذا كان الخاص الأخص متصلاً بالعام كما إذا ورد (أكرم العلماء ولا تكرم العالم مرتكب الكبيرة) ثم ورد بعد ذلك لا تكرم العالم العاصي

فهنا لا مجال لتصور انقلاب النسبة لان الأخص متصل بالعام فيهدم أصل الظهور ولا ينعقد للعام ظهور الا في ما عدا الخاص فالنسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه من البداية، لان العام من البداية ظهوره في العالم غير مرتكب الكبيرة ونسبته للخاص الاعم (لا تكرم العالم العاصي) هي العموم والخصوص من وجه

وقد طرح السيد الخوئي (قده) فرضاً اخر وهو ما اذا ورد العام مستقلاً مرة ومتصلاً بالخاص الأخص أخرى ثم ورد الخاص الاعم، كما اذا ورد اكرم العلماء وورد في رواية أخرى اكرم العلماء ولا تكرم العالم مرتكب الكبيرة ثم ورد الخاص الاعم وهو (لا تكرم العالم العاصي) فوقع الكلام في كيفية التعامل في هذا الفرض، فهل نخصص العام بهما معاً في عرض واحد، باعتبار ان كلا الخاصين انفصلا عن العام الاول، او نتعامل معهما معاملة المخصص المتصل الذي ذكرنا بانه لا مجال لتوهم انقلاب النسبة فيه باعتبار اتصال احد المخصصين بالعام الثاني وفيه يقع التعارض بين العام المخصص بالمتصل والخاص الاعم لان النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه