الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: انقلاب النسبة

ذكرنا ان الشيخ الانصاري (قده) نسب اليه القول بعدم انقلاب النسبة ولكن قلنا بان كلام الشيخ في الرسائل يظهر منه التفصيل بين ما إذا كانت نسبة المتعارضات الى الدليل نسبة واحدة وبين ما إذا كانت متعددة، ففي الصورة الأولى حكم بعدم انقلاب النسبة

واما في الصورة الثانية وهي ما إذا كانت نسبة المتعارضين الى الدليل مختلفة كما إذا ورد عامان وكانت النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه مثل (أكرم العلماء) و (يستحب اكرام العدول) ثم ورد مخصص لأحدهما مثل قوله (لا تكرم فساق العلماء) فنسبته الى العام الأول هي نسبة الخاص الى العام بينما نسبته للثاني هي التباين، وفي هذه الحالة ذهب الشيخ الانصاري الى انقلاب النسبة فبعد تخصيص العام الأول يكون أخص من الثاني فيخصصه،

والشيخ انما ذهب الى انقلاب النسبة لوجود محذور وهو انه لو لم نلتزم بانقلاب النسبة بان نقول ان النسبة بين العامين بعد التخصيص هي العموم والخصوص من وجه فنتعامل معهما معاملة المتعارضين في مادة الاجتماع واحد المحتملات في التعارض ان نقدم العام الثاني على الأول وهذا يلزم منه بقاء العام الأول بلا مورد لان العام الأول خرج منه الفساق بدليل وإذا اخرجنا منه العدول وقلنا باستحباب اكرامهم يبقى (أكرم العلماء) بلا مورد

وقد وافق صاحب الكفاية الشيخ الانصاري في القول بعدم انقلاب النسبة في الصورة الأولى واما في الصورة الثاني أي ما اذا كانت النسبة متعددة فقد ذهب الى عدم انقلاب النسبة أيضاً فحكم بتخصيص العام بالخاص وتبقى النسبة بين العام وبين (يستحب اكرام العلماء) هي العموم من وجه ونتعامل معها معاملة الدليلين المتعارضين في مادة الاجتماع فإما ان نقول بالترجيح ان كان مرجح او يصار الى التساقط او التخيير، نعم قد استثنى من هذه الحالة ما اذا لم يبق بعد التخصيص الا مادة الاجتماع فلا بد في هذه الحالة من تقديم العام الأول على العام الثاني لان العام الأول بعد تخصيصه يكون كالنص في مادة الاجتماع بينما الثاني يشمل مادة الاجتماع بالعموم، واما اذا فرضنا ان العام بعد التخصيص يبقى شاملاً لغير مادة الاجتماع كما اذا بدلنا الخاص في المثال بقولنا (لا تكرم النحويين من العلماء)فيبقى العام بعد التخصيص يشمل غير النحويين من العلماء وهو لا يختص بمادة الاجتماع فهنا يلتزم بعدم انقلاب النسبة

والظاهر ان نسبة القول بعدم انقلاب النسبة مطلقاً للشيخ الانصاري لم يكن اعتباطاً باعتبار انه وان قال بانقلاب النسبة في الحالة الثانية ولكنه ركز كلامه على مثال يواجه محذور على القول بعدم انقلاب النسبة وهو بقاء العام بلا مورد فاضطر الى القول بانقلاب النسبة وهو المثال الذي ذكرناه في تقريب قوله، واما اذا بدلنا المثال بمثال اخر لا يلزم منه المحذور المذكور فلا يبعد ان يقول الشيخ الانصاري بعدم انقلاب النسبة، ولعل هذا هو الوجه في نسبة القول بعدم انقلاب النسبة اليه.

والنتيجة ان كلاً من الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية قائل بعدم انقلاب النسبة، اما في الحالة الأولى فالظاهر ان دليلهم هو ما أشار اليه الشيخ الانصاري (قده) من ان تخصيص العام بالمخصص الأول ثم ملاحظة نسبته الى المخصص الثاني ليس أولى من تخصيصه أولا بالمخصص الثاني ثم ملاحظة نسبته للمخصص الأول

واما في الحالة الثانية فبناءً على ما ذكرناه من نسبة القول بعدم انقلاب النسبة للشيخ الانصاري (قده) اذا لم يلزم منه محذور كما هو راي صاحب الكفاية، فالوجه فيه هو دعوى انه في باب التعارض والنسبة بين الأدلة لا بد من لحاظ ظاهر الكلام لا ما يكون الكلام حجة فيه فان هذا ينتج القول بعدم انقلاب النسبة، فان النسبة تبقى على حالها بعد التخصيص ف(اكرم العلماء) يبقى ظاهراً في العموم لان المفروض ان المخصص منفصل فتبقى النسبة بين العامين هي العموم والخصوص من وجه، وانما تنقلب النسبة اذا قلنا بان الملحوظ هو ما يكون الكلام حجة فيه لان العام الأول يكون حجة في العلماء العدول بعد التخصيص، والعام الثاني حجة في العدول،