41/01/17
الموضوع: في بيان الأمور التي تخرج عن باب التعارض
كان الكلام في تقديم الخاص على العام وذكرنا ان هناك اتجاهات في تخريج تقديم الخاص على العام ذكرنا الاتجاه الأول مع ما يرد عليه وانتهينا الى
الاتجاه الثاني: ان التقديم قائم على أساس الاظهرية والاقوائية بدعوى ان دلالة الخاص على ثبوت حكمه في مورده اقوى من دلالة العام على ثبوت حكمه في مورد الخاص لان هذا مجرد ظهور بينما الخاص كالنص فيه وبقانون ان الاظهر يتقدم على الظاهر نقدم الخاص،
والاعتراض عليه باننا في بعض الحالات نجد الامر معكوساً بان يكون العام اقوى واظهر من الخاص، ويمثل لذلك بما إذا فرضنا انه قال لا يجب اكرام أي عالم وورد أكرم الفقهاء متصلاً به وقلنا بان دلالة الامر على الوجوب بالإطلاق ومقدمات الحكمة وبناءً على ذلك يقال بان دلالة الخاص على وجوب اكرام الفقهاء أضعف من دلالة العام على عدم وجوب اكرامهم لان هذه دلالة اطلاقية وتلك دلالة وضعية، فاذا كان ملاك التقديم هو الاظهرية فلابد من تقديم العام على الخاص
الاتجاه الثالث: ان التقديم يتم بملاك القرينية بدعوى ان الخاص المتصل بالعام يكون قرينة على تعيين المراد والمدلول التصديقي الاستعمالي من العام، دون العكس فالعام لا يكون قرينة على الخاص ولا اشكال في تقديم القرينة على ذي القرينة، وحينئذ يكون تقديم الخاص على العام من قبيل تقديم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم الا انه في باب القرينة تكون القرينة معدة اعداداً نوعياً ويلحظ فيها النظام العام للكلام لان المتكلم ما اعد هذا الخاص كقرينة على العام ولكن هناك بناء في النظام اللغوي وهو ان الخاص يعتبر قرينة على العام والقاعدة تقتضي ان يكون المتكلم تابعاً لهذه الطريقة العقلائية
وبعد رفض الاتجاه الأول لعدم قبول المبنى الذي يبتني عليه يبقى الامر دائراً بين الاتجاهين الثاني والثالث
ويلاحظ على الاتجاه الثالث بان القرينية كما ذكر في تقريب الاتجاه الثالث انما تكون بلحاظ المدلول التصديقي دون التصوري والقرينية بهذا اللحاظ لابد ان تكون قائمة على أساس تباني العقلاء على جعل الخاص قرينة على العام ومبيناً للمراد التصديقي منه دون العكس، وهذا التعهد والتباني من قبل العقلاء لا يمكن ان يصدر منهم تعبداً وبلا نكتة عقلائية فان البناءات العقلائية لابد ان تكون صادرة من نكات عقلائية، والتضاد بمجرده لا يمكنه تفسير هذا التباني لان نسبة التضاد الى تقديم الخاص على العام مساوية لنسبته الى تقديم العام على الخاص، والظاهر ان النكتة العقلائية هي الاقوائية والاظهرية فان افتراض كون الخاص قرينة في غير موارد الاعداد الشخصي ليس له نكتة الا الاقوائية والاظهرية، لان الخاص اقوى ظهورا من العام في مورده،
واما الاعتراض الذي أورد على الاتجاه الثاني في الموارد التي يكون العام فيها اقوى دلالة من الخاص
فالجواب عنه بالالتزام بعدم تقديم الخاص في هذا المورد
هذا كله في المخصص المتصل واما المخصص المنفصل فهنا لابد من ملاحظة الاتجاهات الثلاثة المتقدمة في تقديم المخصص المتصل:
اما الاتجاه الأول المبني على دعوى ان أداة العموم موضوعة لعموم ما يراد من مدخولها مما يعني توقف العموم على جريان الاطلاق ومقدمات الحكمة في مدخول الأداة، فبقطع النظر عن المناقشة السابقة في هذا الاتجاه فان جريانه في المخصص المنفصل يتوقف على القول بان الاطلاق يتوقف على عدم المقيد مطلقاً سواء كان متصلاً او منفصلاً وبذلك يقال بانه لا فرق بين المخصص المتصل والمنفصل في منعه من جريان مقدمات الحكمة في مدخول أداة العموم فلا ينعقد العموم الا في ما عدا ما خرج بالتخصيص، وحينئذ فالعام لا يستوعب جميع الافراد بل هي ما عدا ما خرج بالتخصيص
واما إذا قلنا بالقول المشهور وهو الصحيح بان الاطلاق يتوقف على عدم القيد المتصل فقط والمفروض انه لا قرينة متصلة في المقام فينعقد الاطلاق في مدخول الأداة فتدل الأداة على العموم بلحاظ المراد من مدخولها، وعندئذ فلا تقديم للخاص على العام بل بينهما تعارض.
واما الاتجاه الثاني القائل بالتقديم على أساس الاقوائية والاظهرية، فتارة نفترض ان المقصود منه في المخصص المتصل هو تقديم الخاص على العام في الحجية مع انعقاد الظهور في كلا الدليلين بمعنى ان المخصص المتصل لا يهدم الظهور في العام وانما ينافيه في الحجية، وحينئذ يجري هذا الاتجاه في المخصص المنفصل لان المخصص المنفصل يزاحم العام في الحجية ولا يهدم الظهور أيضاً
واما إذا قلنا –كما هو الصحيح- بان المخصص المتصل يمنع من انعقاد أصل الظهور وتقديم الخاص المتصل على العام انما هو بهذا الاعتبار فحينئذ لا يجري هذا الاتجاه في المخصص المنفصل لان الصحيح ان المخصص المنفصل لا يهدم أصل الظهور، فالنكتة التي اعتمد عليها تقديم الخاص على العام في المخصص المتصل غير موجودة في المخصص المنفصل