40/10/29
الموضوع: تبعية الدلالة الإلتزامية للمطابقية في الحجية
بالنسبة للدليل الثالث فالمناقشة في اصل الدليل تبينت من خلال مناقشة الأمثلة وحاصلها: ليس دائما لا يؤخذ بالمداليل الإلتزامية في صورة العلم التفصيلي بكذب الخبر وانما لا يؤخذ بها وتسقط عن الاعتبار والحجية بعد سقوط المدلول المطابقي عن الاعتبار في صورة العلم بوحدة المدرك، واما اذا علمنا بتعدد المدرك فلا داعي لسقوط المداليل الإلتزامية وكذلك في حالة الشك فبالإمكان ان نجري اصالة عدم الكذب والاشتباه في كل خبر من الاخبار وحينئذ نبني على بقاءه على الحجية، فبالإمكان القول بإثبات الحجية للمداليل الإلتزامية باستثناء حالة العلم باتحاد المدرك.
وكان الدليل الرابع هو ما نقلناه عن السيد الشهيد (قده) وانتهى الكلام الى جوابه
وقلنا بان هذا الدليل يفترض ان محل الكلام هو الملازمة العقلية التي لا يدركها العرف ولا تشكل ظهورا في الكلام وهو يصرح في كلامه بانه إذا كان المدلول يشكل ظهوراً في الكلام فلا اشكال في عدم التبعية، فهو يريد ان يثبت التبعية في صورة ما إذا كانت الملازمة غير عرفية ولا تشكل ظهورا في الكلام فيجري فيها ما ذكره من عدم تعدد الدال لان الدلالة الإلتزامية من باب دلالة المعنى على المعنى لا من باب دلالة اللفظ على المعنى
وما ذكره وان كان صحيحاً في الملازمة العقلية الا ان محل الكلام في الملازمة العرفية البينة بالمعنى الأخص والتي تشكل ظهوراً في الكلام وهي انما تكون لو كانت ملازمة ذهنية بين اللازم والملزوم، وفي الملازمة العقلية لا يوجد تلازم ذهني نعم بين المدلول المطابقي والمدلول الإلتزامي تلازم خارجي، وفي هذه الحالة يأتي كلامه في عدم تعدد الدال وانما لدينا دال واحد يدل على المعنى المطابقي غاية الامر ان هناك ملازمة بين المدلول المطابقي والمدلول الإلتزامي فاذا تبين كذب هذا الدال ومخالفة المدلول المطابقي للواقع يسقط المدلول الإلتزامي عن الحجية
واما إذا قلنا بان محل الكلام هو ما إذا كانت الملازمة عرفية وتشكل ظهورا في الكلام ففي هذه الحالة لا يتم هذا الدليل اذ لا يوجد تعدد دال، فان معنى ذلك ان الكلام له ظهوران أحدهما في المدلول المطابقي والأخر في المدلول الإلتزامي ولا يكون من باب دلالة المعنى على المعنى بل ان اللفظ يدل على المدلول الإلتزامي لوجود ملازمة بينة بالمعنى الأخص بينه وبين المدلول المطابقي.
ومن هنا يتبين ان الأدلة السابقة لإثبات التبعية لا تنهض لإثباتها، وما يمكن ان يقال في المقام لإثبات التبعية: نحن قلنا ان الكلام في الدلالة الإلتزامية التي تشكل ظهوراً في الكلام الا ان هذا لا يعني بالضرورة وجود ظهورين مستقلين في عرض واحد يكون كل منهما مشمولاً لأدلة الحجية وتجري فيه اصالة الظهور
بل المدعى ان الكلام له ظهور في المدلول الإلتزامي كما له ظهور في المدلول المطابقي ولكن هذا لا يعني وجود ظهورين وانما ظهوره في المدلول الإلتزامي في طول ظهوره في المدلول المطابقي لا في عرضه مما يعني ان ملاك الحجية فيهما واحد والحجية للمدلول الإلتزامي تثبت في طول ثبوتها للمدلول المطابقي ومتفرعة عليه، وهذه هي النكتة التي نستند اليها في اثبات تبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة المطابقية في الحجية وبذلك نخالف المحقق النائيني (قده)
ولا يمكن ان نتعامل مع المدلول المطابقي والمدلول الإلتزامي في محل الكلام كما نتعامل مع خبرين مستقلين منفصلين تماما بل هناك ارتباط بين المدلولين لا في الوجود فقط بل هناك تفرع وارتباط وطولية في الظهور وكذا في الحجية الثابتة لهما، فيكون هذا هو الدليل في تبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة المطابقية في الحجية كما هي تابعة لها في أصل الوجود.
وبعد الفراغ من هذه المسالة الفرعية نعود الى أصل البحث حول امكان التمسك بالمدلول الإلتزامي للدليلين المتعارضين لإثبات نفي الثالث