40/10/28
الموضوع: تبعية الدلالة الإلتزامية للمطابقية في الحجية
انتهى الكلام الى الدليل الثالث على تبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة المطابقية في الحجية: وحاصله اذا صح الاخذ بالدلالة الإلتزامية بعد سقوط الدلالة ألمطابقية عن الحجية بالتعارض لصح الاخذ بالدلالة الإلتزامية حتى في صورة العلم التفصيلي بعدم مطابقة الخبر للواقع اذ لا فرق بين العلم التفصيلي بمخالفة الخبر للواقع وبين العلم اجمالا بمخالفة أحد الخبرين له، مع انه لا أحد يقول بذلك والامثلة على ذلك كثيرة:
منها: لو فرضنا ان شخصا أخبر بان زيداً سافر نحو المشرق وعلمنا بكذبه تفصيلا في اخباره فلازم بقاء الدلالة الإلتزامية ان نلتزم في هذا المثال بان هذا الخبر يكون حجة في مداليله الإلتزامية ومنها انه لم يبق ساكنا وانه لم يسافر نحو المغرب ونحوها الا انه لا يمكن الالتزام بحجية هذا الخبر لإثبات مداليله الإلتزامية وهذا يكشف عن التبعية وان الدلالة الإلتزامية لا تبقى حجة بعد سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية حتى في محل الكلام
وقلنا في مناقشة هذا المثال:أولا: ان السبب في سقوط المداليل الإلتزامية في هذا الخبر ينشا من وحدة المدرك في هذا المثال فان مدرك المتكلم في هذه الإخبارات المتعددة واحد، وإذا علمنا بخطأ المدرك الذي استند اليه فلا اشكال في سقوط هذه الإخبارات عن الاعتبار للعلم بخطاه فيها لا انه من جهة تبعية الدلالة الإلتزامية للدلالة المطابقية
وثانيا: حتى مع افتراض تعدد المدرك أيضا يمكن ان يقال بان سقوط الاخبار عن المداليل الإلتزامية عن الاعتبار ليس لأجل ما تدعونه من تبعية الدلالة الإلتزامية للمطابقية بل حتى لو انكرنا التبعية فان المداليل الإلتزامية تسقط عن الاعتبار لأجل العلم الإجمالي بعدم مطابقتها جميعا للواقع لأنه يعلم اجمالا بكذب واحد من هذه الإخبارات فاذا علمنا بان زيداً لم يسافر نحو المشرق لكذب الخبر فهو اما ان يبقى ساكنا او يتجه نحو الجنوب او نحو الشمال او يتجه نحو الغرب والواقع موجود في ضمن هذه الاحتمالات والباقي يكون مخالفا للواقع فنعلم بكذب واحد من هذه الاحتمالات على الاقل فلا يمكن ان يكون بقاءه ساكنا صادق وانه اتجه نحو الشمال صادق ايضا وهذا العلم الإجمالي يسقط هذه الإخبارات كلها عن الحجية.
الدليل الرابع: ما ذكره السيد الشهيد[1] (قده) من ان نكتة الحجية وملاكها في الدلالة المطابقية والدلالة الإلتزامية واحد وبعد سقوط المطابقية عن الاعتبار لا تبقى الدلالة الإلتزامية لان نكتة الحجية فيهما واحدة فاذا علمنا بسقوط الملاك في الدلالة المطابقية تسقط الدلالة الإلتزامية عن الاعتبار لان الملاك فيهما واحد،
وذكر لإثبات ان الملاك فيهما واحد بان ملاك الحجية في باب الاخبار والحكاية هو عبارة عن اصالة عدم الكذب بمعناه الواسع الشامل للاشتباه، وفي باب الانشاء فملاك الحجية فيها هو اصالة الظهور وارادة المعنى الظاهر من اللفظ فاذا امر بشيء وكان ظاهراً في الوجوب يكون الوجوب حجة
فاذا فرضنا ان الدلالة المطابقية سقطت عن الحجية لظهور كذبها في باب الاخبار والحكاية او لثبوت عدم إرادة الظاهر في باب الانشاء فافتراض عدم ثبوت المدلول الإلتزامي لا يعني حدوث كذب جديد في باب الاخبار او مخالفة أخرى للظهور في باب الانشاء وهذا هو معنى ان ملاك الحجية واحد
فليس لدينا خبرين احدهما دال على المدلول المطابقي والأخر دال على المدلول الإلتزامي حتى يتعدد ملاك الحجية لوجود دالين فيصح بهذا كلام المحقق النائيني (قده) بل ليس لدينا في محل الكلام الا دال واحد يدل على المدلول المطابقي وعلى المدلول الإلتزامي باعتبار الملازمة بينه وبين المدلول المطابقي وتكون الدلالة الإلتزامية من باب دلالة المعنى على المعنى لا من باب دلالة اللفظ على المعنى فلدينا دال واحد يثبت المدلول المطابقي وفي طوله يثبت المدلول الإلتزامي فاذا سقط هذا الدال عن الحجية فبطبيعة الحال يسقط المدلول الإلتزامي وهذا معنى التبعية
وخلاصة ما ذكره ان المدلول الإلتزامي لا يثبت بدال مستقل لا في باب الاخبار ولا في باب الانشاء وانما هو يثبت من باب الملازمة فاذا كان الدال واحد فهو يدل على المعنى المطابقي وفي طول دلالته على المعنى المطابقي يثبت المدلول الإلتزامي
وهذا معنى قوله ان افتراض سقوط المدلول الإلتزامي بعد سقوط المدلول المطابقي عن الاعتبار لا يعني افتراض كذب زائد
وواضح جدا انه يفترض ان محل الكلام هو الملازمة العقلية التي لا تشكل ظهورا في الكلام بحيث لا يكون الكلام ظاهرا فيها