40/10/07
الموضوع: تعريف التعارض
بعد ان استعرضنا الآراء في مسالة التزاحم بين الواجبات الضمنية وهي وان ذكرت كمسالة فقهية في العروة لكن الكلام فيها يقع في ان مرجحات باب التزاحم هل تختص بالواجبين الاستقلاليين المتزاحمين او انها تشمل الواجبين الضمنيين، وقد بينا الآراء فيها وان المحقق النائيني (قده) قد ادخلها في باب التزاحم والراي الاخر الذي يمثله السيد الخوئي (قده) وهو ان التزاحم في الواجبات الضمنية يدخل في باب التعارض لا في باب التزاحم وفي المقام يمكن ان تذكر وجوه لترجيح ما ذكره السيد الخوئي (قده) من ان المقام – التزاحم بين الواجبين الضمنيين- يدخل في باب التعارضالوجه الأول : ما يستفاد من كلماتهم المتقدمة من ان الواجبات الضمنية الارتباطية ليس فيها الا تكليف واحد متعلق بمجموعة من الأجزاء والشرائط وله اطاعة واحدة تتحقق بالإتيان بجميع الأجزاء والشرائط وله عصيان واحد ويكفي في تحققه ترك أحد الأجزاء ، ولا اشكال في ان هذا الجعل الواحد كسائر الجعول مشروط بالقدرة على الاتيان بمتعلقه واما اذا لم يكن المكلف قادرا على الاتيان بمتعلقه فلابد ان يسقط هذا التكليف والمفروض في محل الكلام ان المكلف عاجز عن الاتيان بالمتعلق لعجزه عن بعض الأجزاء فلا محالة يسقط الامر بالمجموع ، وهنا لا يمكن اثبات وجود امر بالاجزاء الباقية التي يمكن الاتيان بها ، ومن هنا يمكن القول بانه لا يبقى هناك امر حتى ندخل محل الكلام في باب التزاحم ،
نعم في بعض الأحيان قد نفترض قيام دليل على وجوب الاتيان بالاجزاء الميسورة كما ادعي ذلك في باب الصلاة بناءً على ان الصلاة لا تترك بحال وما ذكروه من الاجماع والتسالم على ان عدم التمكن من الاتيان بالصلاة التامة لا يعني سقوط الامر بباقي الأجزاء، الا ان هذا لا يعني دخوله في باب التزاحم، وانما يدخل في كبرى دوران الامر بين التعيين والتخيير –كما ذكر هو (قده)- لان المفروض ان الامر بالمركب من مجموع الأجزاء والشرائط سقط وقام دليل على وجوب الاتيان بالباقي وهذا يكون واضحا عندما يكون المتعذر متعين لكن هذا غير محل الكلام لأننا افترضنا ان المتعذر مردد فهو غير قادر على الجمع بين القيام وبين الركوع وفي هذه الحالة نقول ان الامر بالمركب سقط لعدم القدرة وقام دليل من الخارج على ان الباقي يجب الاتيان به لكن الباقي مردد بين ان يكون الواجب عليه هو الاتيان بسائر الأجزاء مع الجامع بين الجزئين المتزاحمين اعني القيام والركوع في المثال بنحو يكون مخيرا بين ان يأتي بسائر الأجزاء مع الركوع وبين ان يأتي بها مع القيام، والاحتمال الاخر هو التعيين بان يكون الواجب عليه الاتيان بسائر الأجزاء والشرائط مع احد الامرين بخصوصه، فالامر في المقام يدور بين التعيين والتخيير، فلابد من الرجوع الى القواعد والأصول التي تجري في المقام على الاختلاف المعروف بينهم في انه هل تجري في المقام قاعدة الاشتغال او البراءة عن التعيين، وذهب السيد الخوئي (قده) الى البراءة عن التعيين فهو مخير بينهما، وهذا لا يعني دخول المقام في باب التزاحم.
الوجه الثاني: ان تاثير هذين الجزئين المتزاحمين في الملاك المطلوب للمولى يمكن تصوره على انحاء أربعة :
النحو الأول : ان يكون كل منهما دخيلا في تحصيل الملاك مطلقاً حتى مع العجز عنه
النحو الثاني : ان يكون كل منهما مؤثرا في حال القدرة عليه فقط
النحو الثالث : ان يكون احدهما المعين مؤثرا دون الاخر وتكون دخالته مطلقة
النحو الرابع : ان يكون المؤثر في الملاك هو الجامع بين هذين الواجبين الضمنيين المتزاحمين،
وعلى أي من هذه الاحتمالات الأربعة لا يدخل المورد في باب التزاحم، اما على الاحتمال الأول فان لازمه ان يسقط التكليف بالمجموع المركب باعتبار عجز المكلف عن تحصيل الملاك، ولازم الاحتمال الثاني ان يثبت التكليف لسائر الأجزاء والشرائط فيمكن تحصيل الملاك بالاتيان بسائر الأجزاء والشرائط لانه مع العجز نستكشف عدم دخالته في الملاك، وعلى الثالث فيجب عليه الاتيان بسائر الأجزاء والشرائط مع ذلك الجزء الذي فرض كونه مؤثراً مطلقاً، واما على الرابع فلانه يستلزم افتراض التخيير ، وفي كل هذه الحالات لا يوجد تزاحم
الوجه الثالث : ان الذين يذهبون الى انحصار تصحيح العبادة بالامر في باب التزاحم في الواجبات الاستقلالية ذهبوا الى تصحيح الصلاة عند ترك الازالة بافتراض الامر بالصلاة بالامر الترتبي بان يؤمر بالصلاة على تقدير ترك الازالة، وقد واجهت فكرة الترتب مشكلة أخرى وهي ان لازم كون كل من الامرين مشروط بترك الاخر هو ان المكلف لو ترك كلا الامرين يصبح التكليف بكل منهما فعليا لتحقق شرطه ويلزم منه ان يطلب المولى من المكلف الجمع بين الضدين، وجوابه ان الامر بكل منهما على نحو الترتب فليس محالا لانه لا يؤدي الى طلب الجمع بين الضدين