40/10/06
الموضوع: تعريف التعارض
كان الكلام في ان مرجحات باب التزاحم حينما تجري في الواجبات الاستقلالية المتزاحمة هل تجري في الواجبات الضمنية المتزاحمة او لا، بان يدخل التزاحم في الواجبات الضمنية في باب التعارض ،
ذهب المحقق النائيني والعراقي والسيد الحكيم (قدهم) الى الأول
وفي قبالهم ذهب السيد الخوئي (قده) ومن تبعه من تلامذته الى ادخاله في باب التعارض ، وذكرنا دليله وكانت المقدمة الأولى فيه: عدم وجود تعدد في التكليف في الواجبات الضمنية ويعتبر في باب التزاحم تعدد التكليف
والمقدمة الثانية: ان المركب يتعذر عندما يتعذر بعض اجزاءه وبتعذر المركب يسقط الامر فلابد من فرض سقوط الامر بالمركب عندما يتعذر الاتيان بواحد من اجزاءه وشرائطه لان القدرة شرط في التكليف واذا سقط الامر بالمركب فلا تزاحم
وبناءا على هاتين المقدمتين فاذا تعذر بعض أجزاء المركب، فاذا فرضنا ان المتعذر كان متعينا فيجب عليه الاتيان بسائر الأجزاء كما اذا فرضنا ان المكلف تعذر عليه الاتيان بالقيام ومقتضى القاعدة الثانية التي أسسها انه يسقط الامر بالمركب لكنه ذكر في الاستثناء ان الدليل دل على وجوب الاتيان بما تيسر من أجزاء الصلاة وبناءً على هذا يدعي بانه اذا كان المتعذر متعين فيجب عليه الاتيان بسائر الأجزاء لا على أساس القاعدة الأولية التي ذكرها بل على أساس الاجماع والتسالم او الدليل الخاص ، واما اذا لم يكن المتعذر متعينا كما في محل الكلام بان كان المتعذر مرددا بين جزئين مثل القيام والركوع او بين شرطين او بين جزء وشرط فاذا كان كذلك يدخل المقام في باب التعارض لان وجوب كلا الجزئين معلوم العدم باعتبار عدم القدرة عليهما ولا نعلم ان الواجب عليه ما هو باعتبار انه قادر على الاتيان باحدهما فلابد ان نرجع في هذه الحالة الى الأدلة الدالة على الأجزاء والشرائط، فاذا فرضنا ان دليل احد الجزين كان لفظيا ودليل الأخر لبيا وجب الاخذ بالدليل اللفظي لان الدليل اللبي يقتصر فيه على القدر المتيقن وهو غير مورد المعارضة مع الدليل اللفظي فمثلا اذا وقع التزاحم بين القيام والاستقرار فالدليل الدال على القيام هو الدليل اللفظي (( من لم يقم صلبه فلا صلاة له )) بينما الدال على الاستقرار هو الاجماع فاذا دار الامر بين القيام وبين الاستقرار يقدم القيام لان الدليل اللبي ليس له قابلية اثبات الاستقرار في حال المعارضة
وكذا الكلام في ما اذا كان كلا الدليلين لفظيا ولكن كان احدهما عاما والأخر مطلقاً ففي هذه الحالة يجب الاخذ بالعام باعتبار انه يصلح ان يكون بيانا للمطلق وحينئذ لا تتم مقدمات الحكمة، والعموم يصلح ان يكون بياناً للمراد من المطلق
واما لو كان كلا الدليلين لبياً او كان كل منهما لفظيا ولكن كل منهما بالاطلاق ففي هذه الحالة يتساقطان ولابد من الرجوع الى الأصل العملي وهو يقتضي التخيير باعتبار اننا نعلم بعدم وجوب كل منهما معا ونعلم بوجوب احدهما في الجملة فلا مجال لاثبات البراءة من وجوب كل منهما فالمرجع هو اصالة عدم اعتبار الخصوصية اي اصالة عدم اعتبار خصوصية القيام بما هو قيام واصالة عدم اعتبار خصوصية الاستقرار بما هو استقرار وهذا ينتج التخيير فيتخير المكلف بين ان يأتي بالقيام ويترك الركوع والسجود او العكس
واما اذا كان كل منهما لفظيا وكان عاما فلابد من الرجوع الى المرجحات السندية ، هذا كله اذا دار الامر بين المختلفين بالنوع كالقيام والركوع واما اذا كان الامر دائراً بين فردين من نوع واحد كقيامين لا يتمكن من الاتيان بهما معاً ففي هذه الحالة ليس لدينا الا دليل واحد يدل على اعتبار القيام في الصلاة في كل ركعة فلا يتصور حينئذ حصول التعارض بين دليلين لانه لاتعدد في الادلة ، نعم لابد من استثناء خصوص القيام لان بعض الروايات يدل على تقديم القيام في الركعة الاولى على القيام في الركعة الثانية وهذا نستفيده من بعض الروايات من قبيل قوله ( عليه السلام ) : (« المريض يصلي قائما فان لم يستطع صلي جالسا»)[1] فاذا جاء بالقيام في الركعة الأولى يصبح عاجزا عنه في الركعة الثانية ، واما في غير القيام كالركوع والسجود فان الدليل لا يشمل كليهما قطعا لعدم قدرة المكلف على الاتيان بكلا الركوعين وهنا لابد من الالتزام بالتخيير باعتبار ما ذكره من عدم اعتبار الخصوصية كما تقدم
هذا تمام ما ذكره السيد الخوئي (قده) ، وهذا كله بناءا على ادراج المسالة المطروحة في باب التعارض بينما جملة من المحققين كالمحقق النائيني (قده) ذهبوا الى ادراجها في باب التزاحم فلابد من اعمال مرجحات باب التزاحم وهنا يوجد رايان في المسالة
الراي الأول : ان نقدم القيام على الركوع والسجود على اساس السبق الزماني فان القيام متقدم والسبق الزماني احد مرجحات باب التزاحم في الأمور التدريجية كما في ما تقديم صيام اليوم الأول على الثاني بالنسبة لغير المتمكن من صيامهما معاً
الراي الثاني : تقديم الركوع والسجود على القيام على أساس الترجيح بالاهمية المستفاد من الروايات التي تقول ان الصلاة ثلاثة اثلاث ثلث للطهارة وثلث للركوع وثلث للسجود فهذا يدل على أهمية الركوع ،
واما صاحب العروة فقد احتاط في بحث القيام بالجمع بين الامرين بان يصلي صلاة بالقيام دون ركوع وسجود ثم يصلي صلاة يأتي فيها بالركوع والسجود دون القيام
ولكن قال بان هذا الاحتياط انما هو في سعة الوقت واما في ضيق الوقت فيتخير ، والظاهر ان هذا الاحتياط باعتبار دعوى وجود علم اجمالي بوجوب احد الامرين بخصوصه وهذا العلم الإجمالي ينجز عليه الاحتياط بالتكرار مع سعة الوقت
واما في حالة ضيق الوقت فحيث يتعذر الامتثال القطعي نتنزل الى الامتثال الاحتمالي