الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/10/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تعريف التعارض

بعد ان تكلمنا عن معنى التعارض والنسبة بينه وبين التزاحم وان التزاحم هل يدخل في التعارض ؟ وبينا الفوارق الحقيقية بين التعارض والتزاحم،

يقع الكلام الان في بعض الموارد التي ذكرها الاصحاب والتي يشتبه في دخولها في باب التعارض او باب التزاحم والثمرة العملية هو انها لو دخلت في باب التعارض سوف نطبق عليها مرجحات باب التعارض بينما لو دخلت في باب التزاحم سوف نطبق عليها قواعد باب التزاحم

المورد الأول: فيما لو كان المكلف غير مستطيع على امتثال جميع أجزاء الواجب الارتباطي بان كان مضطرا الى ترك بعض الواجبات الضمنية ، فامتثاله لهذا المركب موقوف على تركه لبعض اجزاءه وشرائطه ، ومثاله فيما لو دار الامر بين ان يصلي المكلف قائما ويفوته الركوع والسجود بان يوميء لهما وبين ان يحافظ عليهما ويفوته القيام ،

والمعروف بين المحققين المتاخرين كالمحقق النائيني والعراقي (قدهما) ان الباب يدخل في باب التزاحم وقد خالف في ذلك السيد الخوئي (قده) وادخله في باب التعارض وذكر لتقريب ذلك امرين :

الامر الأول : ان التزاحم يتحقق في الموارد التي يوجد فيها تكليفان مطلوبان وكل منهما له اطاعة مستقلة وله عصيان مستقل ولا ارتباط بين التكليفين من ناحية الاطاعة والعصيان ويفترض ضيق قدرة المكلف عن الجمع بين امتثالهما، فيدور الامر بين امتثال هذا التكليف وعصيان الاخر وبين العكس، وضيق القدرة عن امتثال التكليفين لابد ان يكون اتفاقيا لا دائميا والا لدخل في باب التعارض كما لو فرضنا ان هناك تكليفين احدهما يامر المكلف بان يتحرك الى جهة الشمال وتكليف اخر يامره بان يتحرك الى جهة الجنوب فضيق القدرة هنا ليس اتفاقيا بل هو دائمي فيدخل في باب التعارض ولكن عندما يكون ضيق القدرة اتفاقيا كما في مثال الامر بالصلاة والامر بإزالة النجاسة،ومن الواضح ان هذا المعنى للتزاحم لا يتحقق في الأمور الارتباطية أي التكليف الذي يتعلق بمجموعة من الأجزاء والشرائط باعتبار انه لا تعدد في التكليف فيه انما هناك امر واحد يتعلق بمجموعة من الأجزاء والشرائط ، وهذه الأمور المتكثرة تعتبر امرا واحدا باعتبار ان المتعلق لها امر واحد كما في الصلاة ، فكأن الأمور المتكثرة تكتسب الوحدة من الامر الواحد المتعلق بها والعكس أيضا صحيح بمعنى ان الامر والتكليف الواحد يكتسب التكثر باعتبار انه تعلق بامور متكثرة فيكتسب التكثر والتعدد من المتعلق وهذا ما يعبر عنه بالانحلال فالامر الواحد المتعلق بالواجب الارتباطي ينحل الى أوامر متعددة وهو ما يعبر عنه بالوجوبات الضمنية وهذا كله اعتبار اذ لا يوجد الا امر واحد في الواقع وله اطاعة مستقلة وله عصيان مستقل واطاعة الوجوبات الضمنية تكون باطاعة ذلك الامر وكذا عصيانها فان جاء بالمجموع تحققت الاطاعة وان ترك المجموع ولو بترك جزئه تحقق العصيان ومن هنا لا يمكن ان يكون هذا المورد داخلا في باب التزاحم لان المعتبر فيه تعدد التكليف بان يكون هناك وجوبان مستقلان كل منهما له اطاعة مستقلة وعصيان مستقل ، وهذا لا يمكن ان ينطبق على مورد الواجب الارتباطي الذي تضيق قدرة المكلف عن الاتيان بجزءه لانه هنا لا يوجد تعدد في التكليف ، واذا لم يدخل في باب التزاحم لابد ان يدخل في باب التعارض لانه لا يوجد شق ثالثالامر الثاني : ان مقتضى القاعدة في هذا المورد أي الواجب الارتباطي الذي يعجز المكلف عن الاتيان ببعض اجزاءه وشرائطه هو سقوط الامر بالمركب ولا دليل على وجوب الاتيان بالباقي لان تعذر جزء الواجب الارتباطي يعني تعذر الاتيان بنفس الواجب لان تعذر الاتيان بالجزء يعني تعذر الاتيان بالمركب فيسقط الامر بالمركب لان القدرة شرط في التكليف ، نعم قد يلتزم بوجوب الاتيان بالميسور الباقي لدليل خاص وقد ثبت ذلك في موردين :الأول: ما اذا كان الدليل الدال على دخالة ذلك الجزء في المركب دليلا لبيا لا اطلاق فيه كما في دلالة الاجماع على وجوب الاستقرار في الصلاة فالمتيقن منه اعتباره في حال التمكن دون حال العجز فيجب عليه الاتيان بباقي الأجزاء لو عجز عن الاستقراروالأخر : اذا دل دليل خارجي على وجوب الاتيان بالباقي كما يدعى ذلك في باب الصلاة فقام الاجماع والتسالم على وجوب الاتيان بما تمكن منه مضافا الى بعض الروايات التي استند اليها في المقام من قبيل قوله ( عليه السلام) : (( الصلاة لا تترك بحال ))