40/08/23
الموضوع: تعريف التعارض
بعد ان عرفنا ما هو التعارض بمعناه الحقيقي ومعناه الواسع الشامل لجميع المسائل السابقة ،
هناك مطلب يتعرض له السيد الشهيد (قده) لا باس بالتعرض له وهو الكلام في النسبة بين التعارض والتزاحم فان التنافي موجود في كليهما فهل معنى ذلك ان التزاحم يدخل في باب التعارض او لا ؟
وللجواب عن ذلك لابد ان نوضح ما هو المقصود بالتعارض الذي يسال هل يدخل فيه التزاحم ام لا هل هو خصوص التعارض الحقيقي الواقعي أي التنافي بين الدليلين او التعارض بمعناه الوسيع الشامل للمسائل الثلاثة المتقدمة وتقدم ان المناسب ان يعرف بانه عبارة عن التنافي بين المدلولين بلحاظ مرحلة فعلية الحكم ،
فان كان المقصود هو التعارض بمعناه الوسيع فيمكن ادخال التزاحم فيه ، فالتعارض بهذا المعنى اذا امكن تعميمه للتنافي الحاصل بين الدليلين بصورة غير مباشرة فحينئذ يدخل التزاحم في باب التعارض باعتبار ان المجعولين في باب التزاحم ينافي كل واحد منهما الاخر غاية الامر انه ينافيه بامتثاله لا بنفسه باعتبار ان المكلف له قدرة واحدة ولا يستطيع ان يصرفها الا في احد الوجوبين ، فنستطيع ان نقول بانه التنافي بين الدليلين بلحاظ الامتثال ، فاما ان يكون المجعول الفعلي على طبق هذا او يكون على طبق الاخر ولا يمكن ان يكون كلا المجعولين فعليا
واما اذا كان المقصود بالتعارض هو التعارض الحقيقي الواقعي وتقدم ان تعريف المشهور وكذا تعريف المحقق الخراساني يفي بذلك ، فيرى السيد الشهيد[1] (قده) حينئذ بان دخول التزاحم في التعارض الحقيقي وعدم دخوله يرتبط بتنقيح مسالتين :
الأولى: ان كل خطاب مقيد لبا بعدم الاشتغال بضد واجب لا يقل عنه أهمية .
الثانية : امكان الترتب وعدم استحالته .
فاذا قلنا بمجموع هذين الامرين فباب التزاحم يكون خارجا عن باب التعارض بمعناه الحقيقي والسر فيه انه بناءا على توفر هذين الشرطين لا يكون هناك أي تناف بين الجعلين بل كل منهما يكون ثابتا على موضوعه وهو القادر على متعلقه وهذا ينتج حكمين مشروطين على نحو الترتب وهذا ليس تعارضا لان التعارض هو التنافي في الجعل ولا يستحيل جعل حكمين مشروطين من هذا القبيل
واما اذا فرضنا انتفاء هذين الشرطين فهنا يقال بانه يمكن ان يدخل باب التزاحم في باب التعارض بمعنى ان عدم توفر احد الامرين يوجب حصول تنافي بين الدليلين في عالم الجعل
فمثلا اذا انكرنا الامر الأول وقلنا بان التقييد يحتاج الى اثبات، فاطلاق خطاب صل يدل على عدم وجود عدل للصلاة وكذلك اطلاق خطاب ازل يدل على ان الازالة ليس لها ما يساويها في الأهمية ، ففي هذه الحالة دخل باب التزاحم في باب التعارض ، فان معنى اطلاق خطاب صل يعني انه يامره بصرف قدرته بالاتيان بالصلاة دون غيرها بينما خطاب ازل يامره بصرف قدرته بالاتيان بمتعلقه دون غيره والمفروض ان المكلف ليس له الا قدرة واحدة ولا يستطيع امتثال كلا الحكمين فيتحقق التعارض بمعنى انه يستحيل جعل خطابين من هذا القبيل لانه يكون من باب التكليف بغير المقدور
واما اذا فرضنا عدم توفر الشرط الثاني بان قلنا باستحالة الترتب وان سلمنا الشرط الأول فهنا أيضا يقال بان التزاحم يدخل في باب التعارض بمعنى التنافي بين الخطابين حتى اذا كانا مشروطين بالمقيد اللبي باعتبار ان جعل خطابين من هذا القبيل ولو كانا مشروطين سوف يؤدي الى فعلية كلا المجعولين في ظرف العصيان ، فانه في ظرف عصيان كل منهما يصبح كلا التكليفين فعليا لتحقق شرطه .