40/08/21
الموضوع: تعريف التعارض
كان الكلام في ما ذكره السيد الخوئي (قده) في باب التخصيص وفرغنا عن الملاحظة الأولى والكلام في
الملاحظة الثاني :وهي ان ما ذكره لتبرير توجيه تقدم الخاص على العام بالحكومة غير تام ، و ما ذكره هو ان دليل حجية العام مقيد بعدم العلم بالخلاف والخاص علم بالخلاف فيكون الخاص حاكما على دليل حجية العام ورافعا لموضوعه تعبدا ، وهذا لا يصلح ان يكون مستندا للتقديم بالحكومة ؛ فان هذا ليس اولى من العكس فدليل حجية ظهور الخاص في مدلوله ايضا مقيد بعدم العلم بالخلاف والعام بعد فرض حجيته يكون علما بالخلاف فالحكومة من الطرفين فيكون العام حاكما على دليل حجية ظهور الخاص ومن هنا يظهر انه لابد من فرض سبب وجيه لتقديم الخاص على العام غير ما ذكر من التقديم بالحكومة ومن هنا يظهر بان جعل التعارض بين دليل الخاص ودليل حجية العام وتقديم الخاص عليه بالحكومة غير صحيح، لان دليل الخاص اذا لوحظ بنفسه مع دليل حجية العام فلا تنافي بينهما فان مفاد دليل حجية العام حكم ظاهري ، بينما دليل الخاص مفاده حكم واقعي ولا تنافي بينهما ثبوتا حتى يقع التعارض بينهما ، نعم التعارض يقع بين الدليل العام والدليل الخاص من جهة وحله يكون بالجمع العرفي بالتخصيصومن جهة اخرى يقع التعارض بين دليل حجية العام ودليل حجية الخاص وحله يكون بالورود باعتبار ان دليل حجية ظهور الخاص يكون واردا على دليل حجية ظهور العام لان الثاني مقيد بعدم قيام الخاص على خلافه فاذا شمل دليل الحجية الخاص يكون رافعا لموضوع دليل حجية ظهور العام رفعا حقيقيا فيكون واردا عليه لان دليل حجية العام مقيد بعدم الخاص الحجة على الخلاف فاذا قام الخاص الحجة يكون رافعا لموضوع العام حقيقة الامر الرابع : ما يرتبط بتعريف التعارض ، والخلاف في شموله لموارد الجمع العرفي، وقد تقدم تعريفي المشهور للتعارض بانه التنافي بين مدلولي الدليلين وتعريف صاحب الكفاية للتعارض بانه التنافي بين الدليلين وسبق ان ذكرنا بان بحث التعارض فيه ثلاث مسائل اساسية المسالة الاولى : ان التعارض هل يسري من الدليلين الى دليل حجيتهما او انه يمكن حله بجمع عرفي بين الدليلين من دون افتراض سريان التنافي الى دليل الحجية العام المسالة الثانية : على تقدير سريان التعارض الى دليل الحجية العام يقع الكلام حول مقتضى القاعدة وهل هو التساقط او التخيير او الترجيح ، ثم يقع الكلام حول مرجحات باب التعارض المسالة الثالثة : البحث حول وجود روايات خاصة عالجت مسالة التعارض ، وما هو علاجها ؟واذا اتضح هذا نقول : ان تعريف التعارض ان كان المقصود منه هو تعريف التعارض بمعنى عام يشمل كل هذه المسائل الثلاث فلابد من تعريفه بعنوان عام يشمل موضوعات كل هذه المسائل الثلاث وبهذا يكون شاملا لموارد التعارض المستقر وغيرها ، ومن الواضح بان التعريفين السابقين لا يفيان بهذا الغرض والاشكال من جهة شمول التعريفين المتقدمين للورود ففيه يدعى عدم وجود تنافي بين مدلولي الدليل الوارد والمورود وكذا بين دلالتيهما لان الرفع فيه حقيقي فان موضوع البراءة العقلية مثلا هو عدم البيان فاذا ورد دليل يدل على التعبد بحكم الزامي ارتفع موضوع البراءة حقيقة فهذا لا ينافي جعل التنجيز لا بين المدلولين ولا بين الدلالتين فان البراءة تدل على البراءة في موضوعها وذاك الدليل يدل على التنجيز في مورده،نعم يمكن تعريف التعارض بتعريف اخر يكون شاملا لكل موارد الجمع العرفي بان يقال ان التعارض عبارة عن التنافي بين الدلالتين في مرحلة فعلية المجعول ، التي هي متاخرة عن مرحلة الجعل دائما بحسب اصطلاحهم وهذا تعريف عام يشمل حتى موارد الورود فانه لا يمكن ان تكون البراءة فعلية والدليل الدال على التنجيز فعليا وان كان لا تنافي بين جعليهما وان كان الغرض من التعريف هو تعريف التعارض بنحو لا يشمل جميع الاقسام الثلاثة بل يختص بالتعارض المستقر الذي يسري الى دليل الحجية العام فلابد ان نعرفه بموضوع هذه المسالة بان يقال : بان التعارض عبارة عن التنافي بين اقتضاء دليل الحجية العام للشمول لهذا الفرد وبين اقتضاءه للشمول للفرد الاخر فاذا افترضنا هناك تنافي بين الاقتضائين فيدخل في باب التعارض وهذا لا يفرق فيه بين ان يكون تناف بين المدلولين او بين الدلالتين ، فمثلا اذا دل خبر الثقة الحجة على الترخيص بشيء وخبر ثقة اخر دل على الترخيص بشيء اخر فهذان لا تنافي بين دلالتيهما ولا بين مدلوليهما ، ولكن اذا علمنا اجمالا بثبوت الالزام في احدهما ، ففي هذه الحالة يقع التنافي بينهما بلحاظ دليل الحجية العام فلا يمكن ان يكون شاملا لكليهما مع العلم بكذب احدهما