الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خاتمة / المقام الثاني : في النسبة بين الأصول العملية

كان الكلام في الوجوه المحتملة المطروحة لتقديم الأصل السببي على الأصل المسببي ووصل الكلام الى

الوجه الرابع : وهو ما ذكره السيد الخوئي (قده) حيث ذكر بان الاحكام مجعولة على نهج القضايا الحقيقية وبمجرد ان يثبت الموضوع يثبت الحكم فلو فرضنا اننا غسلنا ثوبا متنجسا بماء مستصحب الطهارة فنحكم بطهارة الثوب باعتبار ان الحكم بطهارة الثوب المتنجس موضوعه ان يغسل بماء طاهر لان الدليل دل على ذلك فاذا علمنا بالجعل فالحكم بطهارة الثوب لا يحتاج الى اكثر من ان يغسل بماء طاهر والغسل معلوم بالوجدان وطهارة الماء محرزة بالاستصحاب .

و قلنا في الدرس السابق بان هذا اذا اريد به مجرد ترتب طهارة الثوب على طهارة الماء فهذا صحيح ولكن لا مدخلية له بمحل الكلام لان المراد تخريج تقديم الأصل السببي على الأصل المسببي ، وهذا لا يثبت التقدم لانه بالمقابل لدينا استصحاب نجاسة الثوب فيتعارض الاستصحابان لان كل منهما يثبت مدلوله بعد غسل الثوب بالماء مستصحب الطهارة

وقلنا لعل مقصوده بقرينة ما ذكره في مقدمة كلامه من ان الاحكام مجعولة على نهج القضية الحقيقية بيان ان التقديم يكون بالحكومة ، ببيان ان لدينا جعل كلي مفاده الحكم بطهارة الثوب المتنجس اذا غسل بماء طاهر ، وفي محل الكلام فان الثوب يغسل بماء طاهر باستصحاب الطهارة بالوجدان، فاستصحاب الطهارة وظيفته انه ينقح موضوع هذا الجعل وحينئذ يتقدم هذا الدليل الذي نقح الاستصحاب موضوعه على استصحاب النجاسة بالحكومة لانه امارة وهذا الدليل يثبت طهارة الثوب لا ان استصحاب الطهارة يثبت طهارة الثوب بل استصحاب الطهارة يثبت ان الماء طاهر

والاشكال فيه ان الاثار الفعلية انما تثبت في باب الحكومة باطلاق الدليل الحاكم لا بالدليل المحكوم واذا تمت هذه الدعوى يكون الجواب عما ذكره واضحا وهو ان طهارة الثوب نحن نثبتها باستصحاب الطهارة لا بالدليل الاخر وحينئذ لا حكومة لان استصحاب الطهارة تثبت به طهارة ظاهرية للثوب ويوجد في مقابله استصحاب ثبت نجاسة ظاهرية للثوب فيتعارضان ، فالوجه الذي ذكره مبني على ان طهارة الثوب كحكم فعلي يثبته الدليل المحكوم وهو امارة واما اذا قلنا بان الذي يثبت طهارة الثوب هو الدليل الحاكم وهو الاستصحاب فلا معنى لتقديم هذا الاستصحاب على ذاك

وانما لا نتمسك بالدليل الاجتهادي لا ثبات طهارة الثوب في محل الكلام لانه انما يمكن التمسك به لو غسل الثوب بماء محرز الطهارة فان لسانه يقول الثوب المتنجس اذا غسل بماء طاهر فانه يطهر ، فلا يتم لو غسل بماء مشكوك الطهارة فلا يمكن التمسك بهذا الدليل لاثبات طهارة الثوب لعدم احراز موضوعه ومن هنا لا يمكن التمسك بالدليل المحكوم لاثبات الحكم الفعلي ، فاذا كان المثبت لطهارة الثوب كحكم فعلي هو استصحاب الطهارة او قاعدة الطهارة تكون في عرض استصحاب النجاسة ، فمثلا اعتبار الطهارة في الطواف كاثر من اثار الدليل الدال على ان الطواف بالبيت صلاة وهذا حاكم على ادلة الاحكام الأولية في باب الصلاة وعندما نريد اثبات اعتبار الطهارة في الطواف كاثر للحكومة فنحن نثبته تمسكا بالدليل الحاكم دون الدليل المحكوم فان الدليل القائل بان الطهارة معتبرة في الصلاة لا يفيدنا في المقام ، وهكذا محل الكلام فان طهارة الماء انما نحرزها بالاستصحاب وتحصل من ذلك ان اثبات الحكم الفعلي في الموضوع المشكوك كطهارة الثوب المتنجس المغسول لا يكون بالامارة الدالة على كبرى الجعل فانه ليس افضل من العلم الوجداني بكبرى الجعل ولا يثبت به وانما يكون بالاصل الجاري في الموضوع هذه عمدة الوجوه التي تذكر لبيان تقديم الأصل السببي على الأصل المسببي واقربها هو الوجه الأول والوجه الثاني والوجه الثالث لا باس به اذا بنينا على ان المراد باليقين الناقض في ادلة الاستصحاب يراد به مطلق الحجة

ثم يقع الكلام في الاصلين المتنافيين العرضيين كما في اصالة الطهارة واستصحاب النجاسة فاذا شككنا في طهارة شيء مسبوق بالنجاسة فاننا نستصحب نجاسته مع جريان قاعدة الطهارة ، ولا اشكال في ان المتقدم هنا هو الاستصحاب ولكن الكلام في تخريج تقديمه عليها