40/07/19
الموضوع: خاتمة / المقام الثاني : في النسبة بين الأصول العملية
كان الكلام عن الوجه في تقديم الأصل السببي على الأصل المسببي ذكرنا في الدرس السابق وجها لتقديم الأصل السببي على الأصل المسببي وهو ان الاستصحاب امر ارتكازي فيستنند الى ارتكازية الاستصحاب في اذهان الناس لتحكيم هذا الارتكاز على دليل الاستصحاب ويقال لتتميم المطلب ان الارتكاز العقلائي يساعد على الاخذ بالاستصحاب السببي ولا يعتني بالاستصحاب المسببي واذا تم هذا فانه يمنع من شمول دليل الاستصحاب للاصل المسببي ويكون الدليل مختصا بالاصل السببي ، واما الوجوه الأخرى التي ذكرت فهي عديدة وحين نذكرها لا نتعرض لمسالة الحكومة التي امنت بها مدرسة المحقق النائيني فقالوا ان الاستصحاب علم تعبدي بالواقع وباثاره الشرعية ، فاستصحاب طهارة الماء علم تعبدي بطهارة الماء وباثا طهارة الماء ومن جملة اثارها طهارة الثوب المغسول به وهذا يرفع الشك الذي هو موضوع استصحاب نجاسة الثوب
وهذا تقدمت مناقشته سابقا وانه لا يتم في جميع الموارد بل انه يتم لو كان الأصل السببي اصل محرز يجعل فيه جعل العلمية وإلغاء احتمال الخلاف على كلام فيه ، مضافا الى المناقشة المبنائية في دعوى ان الاستصحاب علم تعبدي بالواقع فان هذا المبنى محل كلام في الامارة فضلا عن الاستصحاب ، ولو سلمنا بانه علم تعبدي بالواقع فمن قال بانه علم تعبدي باثار الواقع فيمكن القول بانه بلحاظ اثار الواقع هو فقط منجز لها ، فلا ملازمة بينهما وان ثبتت بين العلم الوجداني واثاره فيمكن القول بان الاستصحاب علم تعبدي بالواقع ومنجزا لاثار الواقع لا انه علم تعبدي باثار الواقعالوجه الثاني الذي يذكر هو ما يظهر من الكفاية فانه يمكن ان يستفاد من كلامه التقديم بالورود ويوضحه بان الاستصحاب وارد في دليله لا تنقض اليقين بالشك فجريان الاستصحاب تابع لذلك ففي كل مورد يكون رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين بالشك يجري الاستصحاب فهو تابع لصدق نقض اليقين بالشك
وكانه يريد ان يقول ان استصحاب طهارة الماء يمنع من صدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن نجاسة الثوب بمعنى ان رفع اليد عن نجاسة الثوب ليس نقضا لليقين بالشك بل هو نقض لليقين باليقين ، وانما صار نقضا لليقين باليقين ببركة الاستصحاب السببي وهو استصحاب طهارة الماء لانه لو استصحب طهارة الماء فانه اذا رفع يده عن نجاسة الثوب المغسول به فان هذا نقض لليقين بالنجاسة باليقين بما يرفع هذه النجاسة فهو ليس نقض لليقين بالشك حتى يكون مشمولا لدليل الاستصحاب، وهذا نشا من الاستصحاب السببي الذي احرز طهارة الماء فهو الذي يمنع من صدق النقض بالنسبة الى الثوب فكانه يكون واردا عليه فان موضوع الاستصحاب المسببي هو صدق النقض والنقض يصدق على رفع اليد عن الحالة السابقة للماء فرفع اليد عنها هو نقض لليقين بالشك لانه ليس في البين ما يثبت نجاسة الماء فاذا رفعت اليد عن اليقين السابق بطهارة الماء يكون نقض لليقين بالشك فان استصحاب نجاسة القوب لا يقبت نجاسة الماء لانها ليست من الاثار الشرعية له ولذا يمكن تفسير كلامه بالورود بمعنى ان الاستصحاب السببي رافع لموضوع الاستصحاب المسببي ومانع من شمول دليل الاستصحاب له ولكن من الواضح ان هذا الكلام مبني على ان يكون اليقين الناقض في روايات الاستصحاب والذي لا يجري معه الاستصحاب هو مطلق الحجة أي الاعم من اليقين الوجداني واليقين التعبدي لان الاستصحاب السببي لا يورث اليقين الوجداني لا بطهارة الماء ولا بطهارة الثوب المغسول به فلو كان اليقين في دليل الاستصحاب هو الاعم من الوجداني والتعبدي لكان لما ذكره وجه ولكن اذا قلنا بان اليقين الناقض في دليل الاستصحاب يراد منه هو اليقين الوجداني لا الاعم منه ومن التعبدي فلا يتم هذا الكلام لانه يجري الاستصحاب بالنسبة الى الثوب ويكون رفع اليد عن اليقين السابق بنجاسة الثوب نقضا لليقين بالشك لانه لا يقين وجداني بنجاسته وانما لديه يقين تعبدي ، وهذه الملاحظة مبنية على ان اليقين الناقض في ادلة الاستثحاب هو خصوص اليقين الوجداني وهذا فيه كلامالوجه الثالث: ذكره السيد الخوئي في المصباح وحاصله ان الاحكام مجعولة على نهج القضية الحقيقية وحينئذ فالموضوع لها اذا ثبت بالوجدان او بالامارة او بالاصل فحينئذ يترتب عليه الحكم حتما لأننا لا نحتاج في ترتب الحكم الى اكثر من احراز الموضوع ، وفي محل الكلام اذا كان الماء مستصحب الطهارة وغسلنا به ثوبا متنجسا فنحكم بطهارة الثوب لان طهارة الثوب كحكم شرعي تترتب على غسله بماء طاهر وغسله محرز بالوجدان وكون الماء طاهرا يحرز بالاستصحاب السببي والحكم بطهارة الثوب النجس ان يغسل بماء طاهر
وما بينه من ترتب الحكم كلما احرز صغراه وكبراه معقول جدا ، ولكن غاية ما بينه هو ان استصحاب طهارة الماء يحرز طهارة الثوب المغسول به لان موضوع طهارة الثوب غسله بماء طاهر ولكنه لم يأتي بوجه لتقديم الأصل السببي على الأصل المسببي فان استصحاب نجاسة الثوب يثبت النجاسة فيتعارضان لان الاستصحاب الأول يحرز طهارة الثوب والاستصحاب الاخر يثبت نجاسة الثوب ولعل مقصوده في مالم يذكره من الاستعانة بالحكومة فان الأصل السببي حينما يحرز طهارة الثوب يكون حاكما على الأصل المسببي وقد عرفت ما يرد على الحكومةالوجه الرابع هو ما ذكره السيد الشهيد (قده) من اسراء قضية طهارة الماء لنجاسة الثوب من عالم الثبوت والواقع الى عالم الاثبات اسراء الناقضية ، ومقصوده انه لا اشكال في ان طهارة الماء تكون ناقضة لنجاسة الثوب المغسول بذلك الماء والعرف بمسامحاته العرفية يسري هذه الناقضية الى مقام الاثبات بمعنى انه يعتبر الدليل الدال على طهارة الماء يكون مقدما وناقضا للدليل الدال على نجاسة الثوب المغسول به ، والدليل الدال على طهارة الماء هو الأصل السببي وهو استصحاب طهارة الماء والأخر هو الاصل المسببي وهو استصحاب نجاسة الثوب والعرف بسذاجته ومسامحته يسري هذه الناقضية الى الدليل ومقام الاثبات بان يرى ان هذا الاستصحاب ناقضا لهذا الاستصحاب.