40/07/09
الموضوع: خاتمة في تقديم الامارات على الأصول
لابد من التنبيه على امر في الحكومة وحاصله ان العمدة في تقريب الحكومة هو ما ذكره الشيخ الانصاري دعوى ان دليل اعتبار الامارة يتكفل الغاء احتمال الخلاف او تنزيل الامارة منزلة العلم و على تقدير اثبات تكفل دليل اعتبار الامارة الغاء احتمال الخلاف فالحكومة تكون واضحة لوضوح ان ادلة الأصول بما فيها الاستصحاب اما مغياة بالعلم او مقيدة بعدم العلم وعلى كلا التقديرين فان ورود الامارة بعد فرض إلغاء احتمال الخلاف في الامارة او تنزيلها منزلة العلم تتحقق الغاية في جعل الأصل فتكون حاكمة لانه بها تحصل الغاية للأصول فيرتفع موضوعها عند حصول العلم التعبدي ، ولكن الكلام في الصغرى وهو انه هل يمكن ان نستفيد من ادلة اعتبار الامارة الغاء احتمال الخلاف او تنزيل الامارة منزلة العلم ؟ وتقدم التعرض لهذا سابقا وقلنا بانه لا يستفاد من دليل اعتبار الامارة هذه المعاني ، ملاحظة أخرى حتى لو سلمنا استفادة التنزيل من دليل اعتبارها ولكن هذا لوحده لا يكفي لاثبات حكومة الامارة على الاستصحاب في المقام باعتبار ان هذا يتوقف على ما يسمى بعموم التنزيل أي افتراض ان التنزيل منزلة العلم بلحاظ جميع الاثار ومنها التعبد الاستصحاب ، واما اذا فرضنا ان التنزيل بلحاظ اثر من الاثار فلا يترتب الا ذلك الأثر فلكي نرتب جميع اثار العلم بما فيها ارتفاع موضوع التعبد الاستصحابي يتوقف على افتراض ان التنزيل بلحاظ جميع الاثار
اما لو قلنا بان هذا التنزيل كان بلحاظ الاثار العقلية للعلم من التنجيز والتعذير فلا يمكن ان نلتزم بالحكومة في محل الكلام ، فلابد من استفادة كلا هذين الامرين لاثبات المطلوب وهذا مما يصعب اثباته بادلة اعتبار الامارة فمن خلال استعراض ادلة اعتبار الامارة فلو سلمنا انها تدل على التنزيل فالملحوظ في هذا التنزيل اثارا معينة مرتبطة بمقام العمل من التنجيز والتعذير ، كما في استدلالهم باية (( فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون )) فالمقصود هو سؤال اهل الذكر بمعنى ان جوابهم يكون حجة ومعتبر ومن الواضح ان جوابهم لا يورث العلم الوجداني والغرض من السؤال هو حصول العلم فمعنى ان كنتم لا تعلمون أي اسالوهم حتى يحصل لكم العلم من اخبارهم والمقصود به العلم التعبدي ، فواضح ان الاية ناظرة الى مقام العمل لا انها ناظرة الى تنزيل الامارة منزلة العلم بلحاظ كل اثاره بما فيها انه يرفع الشك ، فقوله ان كنتم لا تعلمون يعني في مقام سلوككم الخارجي حتى تكونوا عالمين ، ونفس الكلام في الاستدلال ببناء العقلاء الذي هو العمدة في ادلة اعتبار الامارة فقد يدعى ان السيرة العقلائية القائمة على العمل بالامارة يفهم منها ان العقلاء يعتبرون الامارة علما يعني ان العقلاء ينزلون الامارة منزلة العلم وهذا على تقدير تماميته يعني انهم ينزلونها منزلة العلم في مقام التنجيز والتعذير لان المنظور لهم هو هذا لا انهم ينزلونها منزلة العلم في رفع موضوع التعبد الاستصحابي لان هذا لا يخطر في بال العقلاء حين يعملون بالامارة فكما ان العلم بالحكم الالزامي الشرعي يكون منجزا له كذلك قيام الامارة على الحكم الالزامي الشرعي أيضا يكون منجزا له ، واذا قام العلم على عدم الحكم الالزامي يكون معذرا وكذا قيام الامارة عليه ،الوجه الثالث : وهو ما يسمى بالقرينة النوعية ، وهو دعوى ان دليل يكون ناظرا الى دليل اخر ومتصرفا فيه لكن هذا النظر ليس المتصدي لبيانه هذا النظر هو المولى بل بناء العرف على ان هذا الدليل ناظر الى ذاك الدليل فكل من الحكومة التفسيرية والتنزيلية نفس المولى يتصدى لبيان نظر احد الدليلين للاخر فيكون الاعداد شخصيا من قبل نفس المولى بينما هذه القرينة الاعداد فيها ليس شخثيا بلهو اعداد نوعيا عند العرف العام فهو يبني على ان هذا الدليل ناظر الى ذاك الدليل ومتحكما فيه ويقدم عليه
وواضح ان هذا الوجه لا تصل النوبة اليه الا بعد عدم تمامية الورود والحكومة لان الورود يرفع موضوع الدليل الاخر حقيقة فلا يبقى للدليل الاخر موضوع فلا تصل النوبة الى التخصيص وهكذا الحكومة فهي مقدمة على التخصيص وفي هذا الوجه يكون الموضوع موجودا ، والكلام يقع في انه هل صحيح ان الامارة تعتبر قرينة بالنسبة الى الأصول العملية بان يكون دليل اعتبارها اخص من دليل الأصول العملية حتى يقدم عليها بالتخصيص ام لا ، و هنا لكي نثل الى محل الكلام وهو تقديم الامارة على الاستصحاب لابد من ان نتعرض الى الوجه في تثديم الامارة على البراءة ومنه نعرف الوجه في تقديمها على الاستصحاب تقديم الامارة على البراءة يدعى بانه قائم على اساس التخصيص بدعوى ان دليل اعتبار الامارة اخص من دليل البراءة فان دليل الامارة اخص من دليل البراءة ، فانه اذا كانت الامارة ترخيصية فانها لا تعارض بالبراءة فقد تكون براءة ولا امارة في مقابلها كثيرا ما تجري البراءة لنفي حكم الزامي لم تقم عليه امارة وقد تكون هناك امارة ولكن لا تعارض بالبراءة كما اذا دلت الامارة على حكم ترخيصي فانه لا تجري البراءة حينئذ وتجري الامارة وهما يجتمعان في موارد كثيرة كما لو قامت الامارة على مورد كثيرة تقوم البراءة وهناك امارة على خلافها فالنسبة بينهما عموم من وجه فكيف يدعى تقديم الامارة بالاخصية والحال ان النسبة بينهما العموم من وجه الجواب لا يدعى في المقام الاخصية بالمعنى المتعارف بل المقصود هو ملاك الاخصية بان يدعى بان الامارة في مادة الاجتماع تكون نصا بحيث لا يمكن الغاء اطلاق دليل اعتبارها لمادة الاجتماع في حالة التعارض وهذا معنى كونها نص في مادة التعارض لاننا لو الغينا اطلاق دليل اعتبارها لمورد التعارض تبقى الامارة مختصة في مورد التوافق بمعنى ان دليل اعتبارها يثبت الحجية للامارة في حالة التوافق مع البراءة وهذا يعني الغاء دليل اعتبار الامارة لانه في مورد التوافق فالتامين الذي يثبت في مورد التوافق لا يكون بملاك الامارة وانما يكون بملاك الشك وعدم العلم بالحكم الالزامي ومن هنا يكون رفع اليد عن دليل اعتبار الامارة في مورد التعارض بمثابة الإلغاء لدليل اعتبارها ولذا تخصيص دليل اعتبار الامارة بمورد التوافق مع البراءة يعني الغاء لدليل اعتبارها ومن هنا يكون دليل اعتبار الامارة كالنص في مورد التعارض وهذا يجعله بمنزلة الأخص من دليل الاستصحاب بمعنى ان دليل اعتبار الامارة كما يشمل موارد افتراقه عن البراءة كذلك يشمل مورد اجتماعها مع البراءة وهذا معنى كونه اخص منها ، صحيح انه من ناحية شكلية لا اخصية في المقام ولكن كونه اخص في مادة التعارض يجعله كالاخص يعني ان النتيجة التي تترتب على كونه اخص واقعا تترتب في المقام وهي انه في مادة التعارض يقدم على البراءة فيكون التقديم على أساس هذه الاخصية ويضاف الى هذا ان اغلب ادلة اعتبار الامارات واردة في مورد الامارات الإلزامية الذي هو مورد البراءة لولا قيام الامارة ، فادلة اعتبار الامارة تدل على حجية الامارة في مورد تعارضها مع البراءة