40/07/08
الموضوع: خاتمة في تقديم الامارات على الأصول
تبين مما تقدم بان دعوى التقديم بملاك الحكومة غير تامة وكذلك دعوى الورود ،
نعم الذي يمكن ان يذكر في المقام هو ان الحكومة ليست مختصة بالحكومة التنزيلية فان الحكومة تارة تكون تفسيرية بان يكون الدليل الحاكم مفسرا للدليل المحكوم وشارحا للمراد منه والشيء الواضح منها اذا كان الدليل الحاكم واردا بلسان اعني وأخرى تنزيلية وثالثة تسمى بالحكومة المضمونية فهذه لا يصرح بها بالتفسير ولا هي قائمة على أساس التنزيل وانما يكون مضمون احد الدليلين بحسب ارتكازات العرف ومناسبات الحكم والموضوع ناظرا الى مفاد دليل اخر وانه يكون بحكم الاستثناء من ذلك الدليل وهذا يطبق على ادلة نفي الضرر ونفي الحرج بالنسبة الى ادلة الاحكام الأولية فيقال بانها حاكمة على ادلة الاحكام الأولية ، فالمستفاد من دليل نفي الضرر هو الفراغ من وجود ادلة تدل على الاحكام الأولية وان تلك الأدلة لا تثبت الحكم مطلقا بل تثبته في غير مورد الضرر ، ولكن هذا بحسب المضمون بان يكون للدليل الحاكم لسان يفرض فيه الفراغ عن مضمون الدليل المحكوم ، بينما لو عكسنا الامر لا نفهم هذا الشيء فلو اتينا الى ادلة الاحكام الأولية لا نفهم منها دليل يدل على نفي العسر والحرج ، وهذا يطلق عليه بالحكومة المضمونية وهي بان يكون مضمون الدليل يفرض فيه الفراغ عن وجود دليل اخر وهو الدليل المحكوم
وفي مقام تقديم الامارات على الأصول ليس هناك مجال لدعوى الحكومة التفسيرية لوضوح ان دليل اعتبار الامارة ليس فيه ما يفهم منه التفسبر والشرح ، وتقدم الكلام حول استبعاد الحكومة التنزيلية ويبقى الكلام حول الحكومة المضمونية وتقريبها بان نفترض ان دليل حجية الامارة نص في الامارة الدالة على الحكم الالزامي بمعنى انه لا يمكن اخراج هذا المورد من دليل حجية الامارة بان نلتزم بان الامارة تكون حجة في غير الاحكام الإلزامية وهذا اصل موضوعي في هذا التقريب وقد قرب هذا باننا لو بنينا على الغاء حجية الامارة في الاحكام الإلزامية وتخصيص دليل حجيتها بغير الامارات الدالة على الاحكام الإلزامية فان هذا يلزم منه الغاء مفاد دليل الحجية أساسا لان ثبوت الترخيص في موارد الامارة الدالة على الترخيص ليس لاجل الامارة الدالة على الترخيص انما هو لاجل عدم ثبوت الالزام وتحقق الشك ومن هنا يكون تخصيص دليل اعتبار الامارة بالامارات الدالة على الترخيص بلا فائدة فلابد من ادراج موارد قيام الامارة على الاحكام الإلزامية في دليل اعتبارها وهذا معنى كونها كالنص فيه ، فالقدر المتيقن من دليل اعتبار الامارة هو الامارة القائمة على الاحكام الإلزامية فيكون الدليل نصا في هذه الموارد
واذا ثبت هذا الأصل نقول ان نفس هذا التنصيص على حجية الامارة في الالزاميات يستفاد منه بمناسبات الحكم والموضوع الفراغ عن وجود الترخيص والتامين في مرتبة سابقة على جعل الحجية للامارة في موارد الاحكام الإلزامية فعلى غرار ما فهمنا من ادلة نفي الضرر وجود مضمون دال على الاحكام الشرعية ، هنا نفهم وجود التامين في مرتبة سابقة لان التامين امر مفروغ منه وثابت في مرتبة سابقة فلو لم يكن التامين ثابتا في مرتبة سابقة لما تصدى الشارع لجعل التنجيز عندما تقوم الامارة على الحكم الالزامي ، فنفس تصدي الشارع لجعل الحجية للامارة الدالة على الحكم الالزامي يفهم منه انه لولا ذلك لكان المورد مشمولا للتامين الثابت في مرتبة سابقة ، والا لو انكرنا وجود تامين في مرحلة سابقة بان كان الموجود هو التنجيز لما كان هناك فائدة من التصدي لجعل الحجية للامارة القائمة على الحكم الالزامي وبهذا البيان يكون دليل اعتبار الامارة حاكما على ادلة التامين ومحدد لها
فالذي يفهم من دليل اعتبار الامارة وكونها نصا في موارد قيامها على الاحكام الإلزامية هو ان المجعول في مرتبة سابقة هو التامين والسعة بحيث لولا دليل اعتبار الامارة لكان حتى هذا المورد مشمولا للتامين ، فحينئذ يكون دليل اعتبار الامارة الذي يدخل مؤدى الامارة الالزامي في عهدة المكلف حاكما على ادلة التامين لكن هذه الحكومة ليست حكومة تنزيلية ولا تفسيرية فتكون حكومة مضمونية
والجواب : لو سلمنا صحة كل ما ورد في هذا البيان لكن من قال بان هذا الذي فرغ عنه في مرتبة سابقة الذي هو بمضمون التامين وعدم التنجيز هو عبارة عن الأصول الشرعية المتعارفة فانه يكفي في تصحيح هذا الكلام ان نفترض بان ما فرغ عنه هو البراءة العقلية ، فلا ضرورة لاقتراح ان يكون دليل اعتبار الامارة ناظرا الى الاستصحاب وحاكما عليه
ومن هنا يظهر بان الحكومة بكل اقسامها غير ثابتة في المقام ، فلا يمكن تخريج هذا التقديم على أساس الورود ولا على أساس الحكومة
ومن هنا لابد من التفتيش عن وجه اخر نفسر به هذا التقديم