الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : خاتمة : في النسبة بين الامارات والأصول

بعد ان بينا ما هو المراد من الحكومة في محل الكلام دخلنا في بحث الفرق بين هذه الحكومة والورود بالمعنى السابق وبينا الفرق الإجمالي بينهما وكان حاصله انه في الورود كانت الامارة تعتبر علما من دون ان يكون نظر الى احكام العلم فتكون واردة على الدليل المورود الذي اخذ عدم العلم في موضوعه لان العلم في ذاك الدليل هو ما يراه الشارع علما وهو الاعم من العلم الوجداني والتعبدي ، واما الحكومة فيشترط فيها ان يكون الدليل الحاكم ناظر الى احكام واثار العلم لان الحكومة بمعنى التنزيل فلا بد ان يكون الدليل الحاكم ناظر الى اثار العلم لان مرجع الحكومة الى تنزيل الامارة منزلة العلم وهذا لا معنى له الا بلحاظ اثار العلم ، وفي محل الكلام يكون الدليل الدال على اعتبار الامارة بجعله الامارة علما واردا على دليل الاستصحاب لان موضوعه اخذ فيه عدم العلم الاعم من الوجداني والتعبدي فتكون الامارة رافعة له وهذا رفع حقيقي لا يشترط فيه النظر ،وتارة يقرر بان الدليل الدال على اعتبار الامارة ينزل الامارة منزلة العلم بلحاظ اثاره ومن جملة اثار العلم الوجداني انه يرفع موضوع الاستصحاب فتكون الامارة أيضا رافعة لموضوع الاستصحاب وهذا يشترط فيه ان يكون الدليل ناظرا الى تلك الاثار الثابتة للعلم حتى ينزل الامارة منزلة العلم بلحاظ تلك الاثار

والسيد الشهيد ( قده ) ذكر تعميقا لهذا الفرق وذكر خصائص وامتيازات يمتاز بها التقديم على أساس الورود وهي غير موجودة في التقديم على أساس الحكومة واعتبر هذه الامتيازات نقاط قوة للتقديم على أساس الورود

الامتياز الأول : ما اشرنا اليه من ان مرجع تقديم الامارة على الاستصحاب على أساس الحكومة الى قيام الامارة مقام العلم الماخوذ عدمه في دليل الاستصحاب وبهذا يكون المقام صغرى من صغريات مسالة قيام الامارة مقام القطع الموضوعي بمعنى كما ان تلك الاثار تثبت للقطع الوجداني فالامارة تقوم مقام القطع الموضوعي بنفس دليل اعتبارها لا انها تقوم مقام ذلك القطع بالدليل الخاص ، فدليل اعتبار الامارة كما يتكفل قيامها مقام القطع الطريقي في التنجيز والتعذير يتكفل قيامها مقام القطع الموضوعي ، فالحكومة في محل الكلام مرجعها الى قيام الامارة مقام القطع الموضوعي فان هذا هو معنى تنزيل الامارة منزلة العلم ، واذا اتضح ذلك نقول ان مسالة قيام الامارة مقام القطع الموضوعي بنفس دليل اعتبارها محل اشكال فلا يعقل ان يتكفل دليل الامارة قيامها مقام القطع الموضوعي بالإضافة الى دلالته على قيامها مقام القطع الطريقي لان معناه الجمع بين اللحاظين الالي والاستقلالي على ملحوظ واحد لان القدر المتيقن من دليل اعتبار الامارة انه يتكفل تنزيل الامارة منزلة القطع الطريقي فهو معنى الحجية فاذا تكفل تنزيل الامارة منزلة القطع الموضوعي لزم المحذور لان تكفله قيام الامارة مقام القطع الطريقي يستلزم ان يكون النظر الى كل من الامارة والقطع بالنظر الالي لا الاستقلالي باعتبار ان المقصود هو إقامة المؤدى منزلة المقطوع فهو يلحظ الامارة كطريق لمؤداها والقطع كطريق للمقطوع ، فاذا فرضنا ان نفس الدليل يتكفل بالإضافة الى ذلك قيام الامارة مقام القطع الموضوعي ومعناه لحاظ كل من الامارة والقطع باللحاظ الاستقلالي لان ماله الى تنزيل الامارة منزلة القطع بلحاظ اثاره فيلحظه بما هو قطع لا بما هو طريق الى شيء اخر وكذلك الامارة ، فيلزم من الجمع بينهما في دليل واحد الجمع ببين اللحاظين الالي والاستقلالي وهذا محال ، هذا ما اشكل به صاحب الكفاية (قده)

وهذا الاشكال تقدم جوابه سابقا ، والغرض من ذكره في المقام هو بيان ان هذا الاشكال يواجه التقديم على أساس الحكومة ولا يرد على التقديم على اساس الورود لانه ليس فيه نظر الى اثار العلم لانه لا تنزيل فيه ، فان الورود ليس فيه الا اعتبار وجعل الحجية للامارة وليس فيه تنزيل ونظر الى اثار العلم ، وانما هو يعتبر الامارة علما فيترتب على ذلك ارتفاع موضوع الأصل العملي قهرا لان موضوعه عدم العلم الاعم من العلم الوجداني والتعبدي وهذا لا تنزيل فيه حتى تاتي الشبهة ونحتاج الى الجواب عنها بينما هي ترد على أساس القول بالحكومة فشكل نقطة قوة للورود ،

وهذا المطلب يمكن توضيحه ببيان اخر بان يقال:ان الاشكال يرد على القول بالحكومة لان فيها جمع بين تنزيل الامارة منزلة القطع الطريقي الذي يستلزم لحاظها باللحاظ الالي وبين تنزيل الامارة منزلة القطع الموضوعي الذي يستلزم لحاظها باللحاظ الاستقلالي فيستلزم الجمع بين اللحاظين ،بينما في الورود لا يرد الاشكال لان دليل اعتبار الامارة يجعلها حجة تعبدا وهذا يستفاد منه قيامها مقام القطع الطريقي وهو يستلزم لحاظ الامارة والقطع باللحاظ الالي ولا لحاظ اخر في البين ، فحتى لو فسرنا جعل الحجية للامارة بان الامارة تقوم مقام القطع الطريقي فهذا ليس فيه الا اللحاظ الالي ولا جمع بين اللحاظين .

الامتياز الثاني : انه في باب الورود اثبات الحكم والاثار على الموضوع الجديد انما يكون تمسكا بالدليل المورود ، لان الدليل الوارد يوجد فردا جديدا من افراد موضوع ذلك الأثر واثبات ذلك الحكم والاثر لهذا الموضوع يكون بالدليل المورود لا بالدليل الوارد ، بينما في باب الحكومة فان اثبات الأثر للموضوع الجديد يكون تمسكا بالدليل الحاكم ،