الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : خاتمة : في النسبة بين الامارات والأصول

كان الكلام في الورود الادعائي حيث ادعي بان الامارة واردة على الاستصحاب فهي علم بحسب اعتبار الشارع وموضوع الأصل قد اخذ فيه الشك وعدم العلم فبقيام الامارة على الخلاف تكون رافعة لموضوع الأصل لان موضوعه عدم ما يراه الشارع علما والامارة يراها الشارع علما ، وحينئذ طرح السؤال المتقدم بانه لم لا نعكس القضية ونقول بان الأصل وارد على الامارة فالاصول التي يمكن فيها دعوى جعل اليقين كالاستصحاب تكون واردة على الامارة لان الامارة مقيدة بعدم العلم اذ لا يعقل جعلها حجة حتى في حالة العلم بالخلاف والاستصحاب يراه الشارع علما، فالتوارد حاصل من الطرفين ، فكما ان الامارة يراها الشارع علما كذلك الاستصحاب يراه الشارع علما فيرفع موضوع الامارة ، وموضوع الامارة مقيد بعدم العلم كالاستصحاب ، وليس المقصود هنا عدم العلم الوجداني فقط بل الاعم منه ومن العلم التعبدي ، فيكون التوارد من الطرفين ولا مبرر لتقديم الامارة على الاستصحاب

والجواب المعروف عن هذا الاشكال يكون بانكار ان يكون عدم العلم ماخوذا في موضوع الامارة فالتقديم يكون باعتبار ان الأصل اخذ في موضوعه عدم العلم ، بخلاف الامارة فانها لم يؤخذ فيها عدم العلم فلا يكون الاستصحاب رافعا لموضوعها ،

والجواب الاخر هو ان يقال بان دليل حجية الامارة نص في موارد الأصول العملية فلا يمكن رفع اليد عنه فان السيرة العقلائية قائمة على حجية خبر الثقة في موارد الأصول العملية فلابد ان نفترض ان موضوع الامارة لا يرتفع بقيام الأصول العملية لانه لو كان موضوع الامارة يرتفع بقيام الأصل العملي فهذا يعني انها لا تجري في موارد الأصول العملية ، بينما الاستصحاب ليس نصا في موارد جريان الامارة لانه لا قطع بجريان الاستصحاب في موارد الامارة ، ومن هذا نستفيد ان موضوع الامارة سنخ موضوع لا ينتفي بقيام الاستصحاب فلا يكون الاستصحاب واردا على الامارة نعم الامارة تكون واردة عليه فالتوارد يكون من جانب واحد

وهذا الجواب ماله الى ان الامارة تتقدم على الأصل بملاك النصوصية لا بملاك الورود فهو لا يقول بان الامارة ترفع موضوع الأصل العملي بل هي متقدمة عليه بالنصوصية ، وكلامنا في تقدم الامارة على الأصل بملاك الورود لا بملاك اخر ، فالشيء المسلم في هذا الدليل هو ان موضوع الامارة لا يرتفع بقيام الاستصحاب ولكن هذا لايعني انه يتقدم عليه بالورود ،

ومن هنا لا بد ان نتحدث عن الوجه المعروف الذي اشرنا اليه والذي يدعي ان عدم العلم قد اخذ في موضوع الأصل دون الامارة ، وهذه الدعوى تارة تدعى كوجه ثبوتي في مقام الجعل وأخرى يدعى كوجه اثباتي وبحسب لسان الدليل اما الوجه الثبوتي فهو بان يقال بان المولى عندما يجعل الأصول العملية ياخذ في موضوعها الشك وعدم العلم ولكنه عندما جعل الامارة لم يقيد موضوعها بعدم العلم ، نعم الشك وعدم العلم مورد للامارة ، و عدم العلم الماخوذ في موضوع الأصل هو ما يراه الشارع علما فهو الاعم من العلم الوجداني والتعبدي ،

ويلاحظ عليه عدم وضوح المقصود بقوله ان عدم العلم اخذ في موضوع الأصل ولم يؤخذ في موضوع الامارة فان هذا لايمكن الالتزام به لان لازمه ان تكون الامارة حجة مطلقا حتى مع العلم ، فان كان المقصود ان الشك لم يؤخذ مقدر الوجود في عالم الجعل فجوابه ان هذا مستحيل فلابد من دخالة الشك في ثبوت الحكم باي نحو من الانحاء لاستحالة ان تكون الحجية للامارة مطلقة من ناحية الشك فلابد ان يؤخذ الشك مقدر الوجود في عالم الجعل ، وان كان المقصود ان الشك لم يؤخذ في موضوع الامارة كحيثية تقيدية وانما اخذ كحيثية تعليلية وبنحو الشرط فلم يقل الشارع خبر الثقة حجة على الشاك وانما قال خبر الثقة حجة عليك ان كنت شاكا ، فان هذا يعني ان الشك دخيل في هذا الحكم واذا كان دخيلا في الحكم فلابد ان يؤخذ مقدر الوجود وبالتالي يكون الشك قد اخذ في موضوع الامارة فيكون حالها حال الأصل العملي ، وهذا هو المقصود بقولنا ان الشك موضوع للامارة سواء اخذ بنحو الحيثية التقيدية او التعليلية وسواء سماه موردا ام غيره

وعلى كل حال فالظاهر ان الشك دخيل في حجية الامارة كما هو دخيل في حجية الأصل العملي وهذا شيء نقطع به والا للزم ان تكون الامارة حجة في موارد العلم بالخلاف، وهذا يكفي في تمامية الاشكال القائل بان الأصل وارد أيضا على الامارة لان الامارة اخذ فيها عدم العلم