الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه العاشر : اشتراط وحدة الموضوع

قلنا ان السيد الخوئي (قده) ذكر بان النزاع يقع في انه هل نرجع الى الدليل الأول ام نرجع الى الدليل الثاني وان المراد من تحكيم العرف في تعيين بقاء الموضوع هو الرجوع الى الدليل الثاني الدال على الإبقاء في ظرف الشك وان المراد من تحكيم لسان الدليل هو الرجوع الى الدليل الدال على اصل الحكم لوضوح ان لسانه يختلف فتارة يقول المسافر يقصر وأخرى يقول المكلف اذا سافر يقصر فالموضوع في الأول هو المسافر وفي الثاني المكلف فاذا انتفى السفر لا ينتفي الموضوع نعم ينتفي الشرط وعلى هذا الأساس يبنى في مسالة ما اذا كان مسافرا في اول الوقت وحاضرا في اخره وشك في ان الواجب عليه ان يصلي قصرا او تماما فاذا كان اللسان هو اللسان الأول في الدليل فلا يجري الاستصحاب بينما اذا كان اللسان هو اللسان الثاني فيجري الاستصحاب لبقاء الموضوع ، وهذا هو معنى الرجوع الى الدليل واما مسالة تحكيم العرف فالمراد به الرجوع الى الدليل الثاني الدال على الاستصحاب ففي كل مورد يقول فيه العرف ان رفع اليد عن الحالة السابقة نقض لليقين بالشك فيجري الاستصحاب وفي كل مورد لا يرى العرف ان رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا فلا يجري الاستصحاب فالمحكم هو العرف بمعنى انه يرى صدق النقض او لا يرى صدق النقض ، ومن هنا يرتفع الاشكال السابق . فالمقابلة بين الرجوع الى لسان الدليل وتحكيم العرف تامة ففرق بين ما يفهمه العرف من الدليل الثاني باعتبار صدق النقض وبين تحكيم الدليل الدال على اصل الحدوث

وبهذا يمكن الجواب عن اصل الاشكال الذي لا يرى التقابل بين الرجوع الى العرف وتحكيم لسان الدليل لان المقصود من العرف ليس هو تشخيص المصاديق بل المقصود منه تحكيم ما يفهمه العرف من الدليل وهو عبارة عن تحكيم الدليل

ويمكن الجواب عن هذا الاشكال بجواب اخر غير ما ذكره السيد الخوئي بان يقال ان المراد من الرجوع الى العرف في مقابل الدليل هو الرجوع الى ما يفهمه العرف بحسب مرتكزاته العرفية المبنية على مناسبات الحكم والموضوع بقطع النظر عن ما يفهمه من الدليل كدليل لفظي فهو قد يشخص بان موضوع الحكم شيء وان كان في لسان الدليل غيره فهما قد يتفقان وقد يختلفان بمعنى ان يرى العرف بحسب مرتكزاته بان موضوع الحكم ما هو اعم مما يحدده الدليل كما لو قال الدليل بان موضوع الحكم بالحلية هو الحنطة ولكن العرف يرى بان موضوعها هو الاعم من الحنطة والدقيق اذ لا خصوصية للحنطة ، وفي مثال الماء المتغير قد يقال بان العرف يفهم بمناسبات الحكم والموضوع ان موضوع النجاسة هو ذات الماء وان التغير علة لثبوت النجاسة لذات الماء بالرغم من ان الموضوع في الدليل قد يكون هو الماء المتغير ،

ومن هنا يظهر بان العرف له نظران الأول بحسب المتفاهم العرفي في لسان الأدلة والثاني بحسب مرتكزاته العرفية القائمة على أساس مناسبات الحكم والموضوع فتكون المقابلة بينهما على هذا الأساس محفوظة ولا معنى لان يشكل بان تحكيم العرف يرجع الى تحكيم الدليل .

بقي شيء : وهو ان هذا الفهم العرفي ينبغي ان لا يصل الى درجة من الظهور بحيث يشكل قرينة في الكلام ، فان هذا سوف يؤدي الى تبدل الظهور الاولي للدليل وانعقاده على طبق هذه القرينة فاذا اخذنا بالظهور الجديد فان هذا تحكيم للسان الدليل لا تحكيم للعرف بحسب مرتكزاته العرفية .