40/06/04
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه العاشر : اشتراط وحدة الموضوع
ذكرنا الراي القائل بان الحيثيات التقيدية في عالم الجعل تكون حيثيات تعليلية في عالم المصاديق والمجعول وبالتالي يكون الموضوع واحدا وان زالت تلك الحيثية وعليه تكون النجاسة الخارجية الثابتة للموضوع على تقدير ثبوت هذه النجاسة بعد زوال الحيثية تكون هي بقاء للنجاسة السابقة لان الموضوع واحد والتعدد انما في الحيثيات التعليلية وتعدد العلة لا يعني تعدد المعلول كما مثل بمسالة الحرارة فهي لا تتبدل بتبدل الأسباب ،
وذكرنا الاعتراض عليه بانه بناءا على هذا ينبغي الالتزام بجريان الاستصحاب حتى مع العلم بدخالة الحيثية الزائلة في الحكم لنفس السبب الذي ذكر في محل الكلام عندما نحتمل بكون الحيثية دخيلة لان النجاسة التي تعرض على الموضوع الخارجي واحدة حدوثا وبقاءا لان المفروض ان الموضوع الخارجي واحد ولا يتبدل والنجاسة التي تعرض عليه واحدة وعليه فلابد ان يجري الاستصحاب ، والحال انه لا اشكال في عدم جريان الاستصحاب في ما اذا علمنا بان الحيثية الزائلة دخيلة في الحكم لانه يدخل في القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي لانه بعد العلم بدخالة الحيثية في الحكم فبارتفاعها يرتفع الحكم ، نعم نحن نشك حين زوال الحيثية بحدوث حكم اخر بجعل اخر فيكون من قبيل الشك في وجود الحيوان في المسجد من جهة الشك في حدوث شخص اخر عند زوال الفرد الأول
وهذا الاعتراض لابد ان يكون الجواب عنه بالفرق بين محل الكلام وبين مورد النقض وهو انه في مورد النقض يدعى بان الموضوع متعدد فلا يجري الاستصحاب فعندما نعلم بان الحيثية دخيلة في الحكم يكون من قبيل احدى الحالتين التي ذكرناهما سابقا والتي بها يتعدد الموضوع وهي ما اذا كانت نفس الحيثية معروضة للحكم لا المتحيث بتلك الحيثية فمع زوال الحيثية لا اشكال في زوال الموضوع فلعل صورة العلم بدخالة الحيثية في الحكم تجعل الموضوع متعددا ولو بالنظر العرفي المحكم في هذا الباب فلا يجري الاستصحاب ولذا فرغ عن انه بزوال الحيثية يزول الحكم واعتبر هذا من القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي ، وهذا بخلاف محل الكلام فان مجرد احتمال دخالة الحيثية لا يعني تعدد الموضوع بنظر العرف وان النجاسة لو ثبتت بعد زوال التغير تكون نجاسة أخرى ، وهذا معنى ان الحيثية تكون تعليلية وان زوالها لا يوجب تعدد الموضوع ولا يوجب تعدد الحكم الثابت سابقا فالعرف يرى بان الموضوع باقي وان النجاسة لو ثبتت له تكون بقاءا للنجاسة السابقة ،
ويتضح مما سبق ان المناط في الوحدة والتعدد انما هو وحدة وتعدد الموضوع الخارجي فاذا كان الوجود الخارجي متعدد فالموضوع متعدد ولا يجري الاستصحاب
وعلى هذا الأساس ينفتح المجال لبحث جديد حول الميزان في تحقق الوحدة وعدم تحققها بمعنى أي نظر يكون هو المحكم في تشخيص وحدة الموضوع الخارجي الذي يكون معروض الحكم وهل هو النظر العرفي ام الدقي العقلي ام ان المحكم هو ظاهر الدليل .
قد يقال بان العرف لا يصلح ان يكون مرجعا في مقام تشخيص الموضوع لما قيل بان العرف انما يكون مرجعا في تحديد المفاهيم لا في تشخيص المصاديق فهذه انما يرجع في تشخيصها الى الدقة العقلية ومحل الكلام في تشخيص المصداق
وفي المقابل قد يقال لابد من الرجوع الى الدليل الشرعي لان اصل اخذ الحيثية في هذا الدليل وكيفية اخذها من شؤون الشارع فهو المتحكم في مقام الجعل والكاشف عن ذلك هو الدليل ، كما لو قال الماء المتغير يتنجس فنفهم ان الحيثية تقيدية فنتعامل معها على انها حيثية تقيدية ومعنى هذا ان الموضوع يزول بزوالها بينما التعبير بقوله الماء اذا تغير يتنجس نفهم منه ان التغير حيثية تعليلية وان زوالها لا يوجب زوال الموضوع.
والذي يلاحظ عليه ما تقدم سابقا من ان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا يجري بلحاظ عالم الجعل وانما يجري بلحاظ عالم المصاديق والمجعول لانه في عالم الجعل لدينا حكم واحد وهو النجاسة المجعولة على الماء المتغير في المثال فهو حكم واحد للماء حين التغير وبعد زوال التغير لا ان النجاسة بعد زوال التغير هي امتداد وبقاء للنجاسة قبل زوال التغير ، وانما الحكم عندما يكون صفة للموضوع الخارجي يكون له حدوث وبقاء لان الموضوع الخارجي له حدوث وبقاء وعلى هذا الأساس يجري الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، فلا معنى لان يقال بان المناط هو لسان الدليل فان لسان الدليل كاشف عن كيفية اخذ الحيثية في عالم الجعل وفيه لا يجري الاستصحاب ،
فالمرجع في الوحدة اما ان يكون النظر العرفي او الدقي العقلي فالكلام يدور بين هذين الاحتمالين .