40/05/27
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه العاشر : اشتراط وحدة الموضوع
وقد طرح الشيخ الانصاري (قده) هذا الشرط في الرسائل هكذا ( احراز بقاء الموضوع ) اذ مع تبدل الموضوع لا يكون الشك في حكمه شكا في البقاء فلا يجري الاستصحاب ،
وهذا الطرح للشرط واجه اشكالات :
منها انه كيف يجري الاستصحاب بمفاد كان التامة كاستصحاب وجود زيد او بمفاد ليس التامة كاستصحاب عدم زيد ففي هذه الحالة لا حاجة لاحراز بقاء الموضوع ، لانه مع احراز بقاء الموضوع لا حاجة للاستصحاب، ومنها انه كيف يجري الاستصحاب في الصفات الثانوية المتاخرة عن الوجود كما لو شككنا في عدالة زيد على تقدير بقاءه حيا فكيف يجري الاستصحاب والحال اننا لا نحرز بقاء الموضوع لهذا الاستصحاب فالمفرض انه لا يجري استصحاب عدالة زيد عند الشك في حياته وانما يجري عندما نحرز حياته ،
ومن هنا لعل صاحب الكفاية غير صيغة الاشتراط الى وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة بان يشك المكلف في نفس ما كان على يقين منه سابقا لاجل دفع الاشكالات السابقة ، ففي كلا الموردين للاشكالين المتقدمين يكون هذا الشرط متحققا ،
الا ان هذه الصياغة كسابقتها تواجه الاشكال المتقدم في الشبهات الحكمية فلا يمكن احراز وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة في الشبهات الحكمية الا اذا كان الشك من جهة احتمال النسخ بمعناه الحقيقي أي الغاء الجعل، اما لو كان الشك في بقاء الحكم ناشئا من جهة اخرى لا من جهة احتمال النسخ ففي هذا المورد لا نحرز وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة باعتبار ما ذكرناه من ان الشك في بقاء الحكم لابد ان ينشا من تبدل بعض الخصوصيات التي كانت موجودة في الزمان السابق ؛ اذ مع فرض بقاء كل الخصوصيات فلا معنى للشك في بقاء الحكم بل لابد من القطع بالحكم ، وحينئذ يستحكم الاشكال لتعدد القضية المتيقنة والمشكوكة ؛ لان القضية المتيقنة تكون مع فرض وجود تلك الخصوصية والقضية المشكوكة مع فرض عدم تلك الخصوصية
واما على الصياغة الاولى التي ذكرها الشيخ (قده) فايضا يلزم الاشكال لان الموضوع في الشبهات الحكمية يراد به كل الامور التي تؤخذ مفروضة التحقق والحصول في مقام الجعل ، وهذا لا نحرز وجوده في الشبهات الحكمية ؛ لان الشك في بقاء الحكم ينشا دائما من الشك في وجود الخصوصيات التي اخذت مفروضة التحقق والحصول عند جعل الحكم ومع الشك في انحفاظ تلك الخصوصيات لا نحرز بقاء الموضوع .
وهذا الاشكال مبني على تفسير هذا الشرط بتفسير خاص وهو ان يفسر الشرط بان يقال: يعتبر في جريان الاستصحاب احراز ان يكون المشكوك على تقدير ثبوته في الواقع هو عين المتيقن على كل التقادير ، لوضوح اننا لا نحرز ان المشكوك هو عين المتيقن على كل التقادير انما نحرز ذلك على بعض التقادير ،
ففي مثال استصحاب نجاسة الماء المتغير بالنجاسة فعلى تقدير ان يكون التغير دخيلا في الحكم فالمشكوك غير المتيقن ولكن على تقدير عدم دخالة التغير في الحكم او قل ان التغير دخيل في الحكم حدوثا فقط لا حدوثا وبقاءا يكون المشكوك عين المتيقن فاذا فسرنا الشرط بهذا التفسير ياتي الاشكال لاننا لا نحرز ان القضية المتيقنة عين المشكوكة على كل التقادير وانما نحرز ذلك على بعض التقادير . وحينئذ لابد من التماس حل لهذا الاشكال وهو ما ذكروه من كون حيثية التغير حيثية تعليلية لا تقيدية فالاستصحاب يجري لاننا نحرز بقاء الموضوع واما لو فسرنا هذا الشرط بالتفسير الاخر وهو انه لا يعني الا ان يكون المشكوك على تقدير ثبوته في الواقع هو عين المتيقن على بعض التقادير فيرتفع الاشكال لاننا دائما في الشبهات الحكمية نستطيع ان نحرز ان القضية المتيقنة عين القضية المشكوكة على بعض التقادير ، فعلى تقدير ان لا تكون الحيثية التي كانت موجودة سابقا ثم زالت بعد ذلك دخيلة في الحكم فالمشكوك عين المتيقن .