40/05/23
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه التاسع: الرجوع الى عموم العام او استصحاب حكم المخصص
قد يورد على ما ذكرناه في الدرس السابق في مقام مناقشة المحقق الاصفهاني (قده) من انه اذا فرض دلالة الدليل العام على الاستمرار فهذه الدلالة ليست دلالة اطلاقية حتى يرد فيها ما يقال في الدلالات العمومية والاطلاقية من ان المطلق والعام يكون حجة في غير مورد التخصيص وانما هي دلالة وضعية وحينئذ يكون دليل التخصيص معارضا لها ومسقطا لها عن الاعتبار فلا يمكن الرجوع لها في ما زاد على مورد التخصيص ،
قد يعترض على هذا الكلام ويقال انه بناءا على هذا الكلام فحينئذ تسقط دلالة الدليل على الاستمرار بورود المخصص ولا يبقى للعام الا دلالته على ثبوت الحكم في الجملة وبنحو القضية المهملة ، فلماذا يلتزم بثبوت هذا الحكم لفترة ما قبل التخصيص ؟ اذ لا اشكال عندهم في ذلك والحال ان العام بحسب الفرض سقطت دلالته على الاستمرار وبعبارة أوضح ما هو المرجح لشمول الحكم لفترة ما قبل التخصيص وعدم شموله لفترة ما بعد التخصيص؟ مع ان نسبة كل منهما الى الدليل واحدة بعد فرض سقوط دلالة الدليل على الاستمرار ، واجابوا عنه بأحد جوابين :الأول : بان يقال ان نفس الاسبقية الزمانية للقطعة الأولى يوجب انصرافا للدليل الدال على ثبوت الحكم في الجملة الى هذه القطعة الزمانية فاذا شملها فحينئذ لا يشمل فترة ما بعد التخصيص
الثاني : ان الدليل وان سقط ظهوره في الاستمرار الا ان له ظهور في ثبوت الحكم بمجرد تحقق موضوعه وهذا بنفسه يقتضي ترجيح القطعة الزمانية الأولى لانه قبل التخصيص تحقق موضوع العام فيثبت له الحكم
وقد يستدل أيضا للشيخ الانصاري وللمحقق الخراساني (قدهما) في ذهابهما الى عدم امكان التمسك بالعام في فترة ما بعد التخصيص ، بما تقدم من السيد الشهيد (قده) من انه في القضايا الحملية والجمل التي تتضمن انشاء حكم على موضوع لا يمكن التمسك بالاطلاق في جانب المحمول وانما يمكن التمسك بالاطلاق في جانب الموضوع كما لو قلنا: العالم نافع فلا يمكن التمسك باطلاق المحمول لاثبات شمول المحمول لجميع افراده لان القضية الحملية مفادها ثبوت صرف المحمول للموضوع لا اثبات جميع مصاديق المحمول للموضوع، وقد يقال بإمكان تطبيق هذا الكلام في المقام لاثبات عدم دلالة الجملة على الاستمرار بتعميم هذا المطلب للافراد الطولية كما يعم الافراد العرضية بان يقال ليس في المحمول اطلاق يمكن التمسك به لاثبات الحكم لجميع الافراد الطولية له كما لا يصح التمسك باطلاق المحمول لاثبات شمول الحكم لجميع الافراد العرضية ، نعم اذا كان هناك اطلاق يثبت في جانب الموضوع ، وفي محل الكلام فالمحمول حكم وله افراد طولية وافراد عرضية فاذا حكم على العقد باللزوم فله افراد عرضية كما له افراد طولية مثل اللزوم في هذا الان والذي بعده وهكذا ، وهذا الدليل يقول لا يمكن استفادة اثبات الافراد الطولية للزوم من هذه القضية فلو امكن ذلك لامكن التمسك بالعام في ما زاد على التخصيص ، لان الاطلاق في المحمول لا يثبت به الا صرف ثبوت المحمول للموضوع وهذا يعني ان الدليل لا دلالة فيه على الاستمرار انما هو يدل على ثبوت الحكم للفرد في الجملة
وهذا الدليل يمكن التامل فيه بان مسالة المنع من اطلاق المحمول لاثبات شمول الحكم لجميع حصص المحمول العرضية والطولية قد يكون امرا مسلما وصحيح ولكن الظاهر انه لا ربط له في محل الكلام بمعنى انه لا يوجب المنع من التمسك بالعام لاثبات الحكم في ما زاد على فترة التخصيص باعتبار ان اثبات الحكم في ما زاد على فترة التخصيص لا يراد اثباته بالتمسك باطلاق الدليل حتى يقال انه لا يوجب الا ثبوت صرف وجود المحمول للموضوع ، ونسلم بان القضية الحملية لا دلالة فيها الا على ثبوت صرف ثبوت المحمول للموضوع ولكن لا ينبغي ان ننكر ان فيها دلالة انه كلما تحقق الموضوع تحقق له صرف وجود المحمول وهذا المعنى اذا ثبت هو يثبت الاستمرار فان هذه قضية حقيقية ومفادها الوحدة بين الموضوع والمحمول بمعنى انه كلما تحقق الموضوع ثبت له صرف وجود المحمول وهذا المعنى اذا ثبت يثبت المطلوب بدون حاجة الى التمسك بالاطلاق ،
وبعبارة أخرى مرجع هذا الكلام الى الفرق بين الافراد العرضية للمحمول فلا يمكن اثباتها بالقضية الحملية وبين الافراد الطولية فيمكن استفادة العموم لها من نفس طبع القضية الحملية .وهناك مطلب اخر وهو ما ذكره صاحب الكفاية (قده) من التفصيل بين ما اذا كان التخصيص في الابتداء وبين ما اذا كان التخصيص في الاثناء فاذا كان في الاثناء فقد وافق الشيخ الانصاري (قده) ومنع من التمسك بالعام في فترة ما بعد التخصيص بينما اذا كان التخصيص في الابتداء فقد خالف الشيخ في هذه الحصة لان هذا الفرد خارج من العام من البداية فهنا لا مشكلة من التمسك بالعام في فترة ما بعد التخصيص ، والوجه في ذلك : اننا نمنع من الرجوع الى العام اذا كان التخصيص في الاثناء باعتبار ان هذا يوجب تعدد الحكم وانثلام وحدته وقطع استمراره ، فاذا وجد حكم بعد التخصيص فهو حكم اخر ولا دليل عليه ، واما اذا كان التخصيص من البداية فهذا المانع يرتفع لانه لا يوجد قطع للاستمرار ولا تعدد في الحكم لانه من البداية قد خرج هذا الفرد عن العام فالحكم الثابت له حكم واحد وهو مستمر .