الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه التاسع: الرجوع الى عموم العام او استصحاب حكم المخصص

ذكرنا ما ذكره المحقق الاصفهاني (قده) من امكان التمسك بالعام في ما بعد فترة التخصيص خلافا لما ذهب اليه الشيخ الانصاري والمحقق الخراساني (قدهما) ، بناءا على ما نقلناه عنه من التمييز بين العموم والاطلاق في العام حيث انه ذهب الى ان استمرار الحكم في العام مستفاد من الاطلاق الازماني وهذا حاله حال الاطلاقات الأخرى وهو انه اذا قيد بفرد يكون حجة في الباقي فلماذا نتوقف في التمسك بالاطلاق الازماني لاثبات حكم الفرد بعد فترة التخصيص .

ويلاحظ على ما ذكره هو ان الدليل الدال على استمرار الحكم في محل الكلام لا يدل على ثبوت الحكم لجميع الافراد الطولية في عمود الزمان بالاطلاق ومقدمات الحكمة حتى يتم فيه التفصيل المتقدم وانما هو بالوضع فلا يأتي فيه الكلام السابق ، فاذا كان شمول الحكم للافراد بالاطلاق ومقدمات الحكمة حينئذ يأتي فيه ما تقدم وهو انه لماذا لا يكون هذا الاطلاق حجة في ما زاد على مورد التقييد ، كما اذا قال اكرم العالم مثلا وخرج منه فرد بالتقييد ، بعبارة أخرى ان الدليل الذي يخرج فردا بالتقييد لا ينافي الدليل الذي ثبت اطلاقه بمقدمات الحكمة و انما يجمع بينهما بالالتزام بخروج هذا الفرد

واما لو كان شمول الحكم لافراده بالوضع كما لو قال اكرم عشرة فاذا دل دليل على عدم وجوب اكرام فرد من هذه العشرة يكون هذا الدليل منافيا للأول وهذا هو الفارق بين ما اذا كان الشمول ثابتا بمقدمات الحكمة وبين ما اذا كان ثابتا بالوضع كما في شمول اليوم لاجزاءه ، والمدعى في المقام ان ما نحن فيه من هذا القبيل ، بمعنى انه اذا ثبت ان استمرار الحكم الذي يدل عليه الدليل العام مدلول وضعي اذ ان معنى الاستمرار هو هذا فحينئذ يتعين الالتزام بما ذهب اليه الشيخ الانصاري وصاحي الكفاية ، من عدم امكان التمسك بالعام في ما زاد على فترة التخصيص لان التخصيص يكون منافيا له لا انه يخرج منه فردا مع بقاءه بالنسبة الى الافراد الأخرى فيسقط بهذا عن الاعتبار ولا يبقى شيء نتمسك به لاثبات الحكم لما زاد عن فترة التخصيص ، واما اذا فرضنا ان الدال على التخصيص بحكم المقيد للاطلاق –كما فرضه المحقق الاصفهاني - بمعنى يكون مخرجا لفرد من الدليل فيكون مزاحما للعام ويقدم عليه باعتبار انه اقوى منه ولكن بالنسبة الى هذا الفرد واما بلحاظ باقي الحصص فيبقى العام على حاله

ومن هنا يظهر : ان ما ذكره المحقق الاصفهاني لا يكون ايرادا على ما ذكره الشيخ لان الظاهر ان الشيخ ناظر الى ان العام بنفسه دال على الاستمرار ولا يفرق فيه بين ان تكون دلالته بنحو المعنى الاسمي كما اذا قال ان هذا الحكم ثابت مستمرا او بنحو المعنى الحرفي كما اذا قال هذا الحكم ثابت من هنا الى هنا فهذا الاستمرار ينافيه أي دليل يدل على عدم الاستمرار ويكون مسقطا له ، فاذا حملنا كلام الشيخ على هذا المعنى فلا يرد عليه ما ذكره المحقق الاصفهاني من امكان الرجوع الى الاطلاق الازماني باعتبار ان ثبوت الحكم في تمام الافراد الطولية ليست هي دلالة اطلاقية مستفادة من مقدمات الحكمة وانما هي دلالة ثابتة بالوضع وهذه تسقط بالتخصيص لما قلناه من المنافاة بين الدليل الدال على استمرار الحكم وبقاءه بلحاظ عمود الزمان وبين الدليل الدال على انتفاءه بلحاظ فترة معينة وحينئذ ينقطع الاستمرار ولو ثبت الحكم بعد انتفاء الاستمرار لكان الثابت حكما جديدا ويحتاج الى دليل اخر ومع فقدانه يرجع الى استصحاب حكم المخصص ، نعم اذا لم يكن لدليل العام دلالة على الاستمرار وبقاء الحكم قد يصح ما ذكره الاصفهاني (قده)

والنتيجة عندما يدل الدليل العام على استمرار الحكم بلحاظ عمود الزمان فالظاهر ان ما ذكره الشيخ (قده) هو المتعين ، نعم هناك كلام في ان هذه هل هي قضية فرضية لا واقع لها في الأدلة لان الأدلة تدل على ثبوت الحكم للفرد والاستمرار يستفاد من عدم ذكر القيد بعد تمامية مقدمات الحكمة واما فرض ان يدل الدليل على الاستمرار بالوضع بقطع النظر عن مقدمات الحكمة فهذا فرض ممكن ثبوتا ولكنه لا واقع له في الخارج ، حتى المثال الذي مثلوا به وهو قوله تعالى (( اوفوا بالعقود )) فلا دلالة فيها على الاستمرار وانما الاستمرار يستفاد من عدم ذكر القيد الزماني الخاص ، فان اوفوا بالعقود مطلق وشامل لكل الأزمنة ولكن شموله لكل الأزمنة يكون باعتبار عدم ذكر القيد . فالمسالة كبرويا كما ذكره الشيخ (قده) ولكن حين ناتي للتطبيق لا نجد موردا لذلك وحينئذ يكون وجه لما ذكره المحقق الاصفهاني (قده)