الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة .

كان الكلام في اشكال المثبتية على استصحاب عدم احد الجزئين الى حين ارتفاع الاخر ، وقد ذكرنا جوابا عن هذا الاشكال وهو ان الاشكال يبتني على ان المقصود باستصحاب عدم موت الاب الى زمان اسلام الابن

هو نفي الموضوع الجامع للاثر الشرعي بان ننفي الفرد الأول بالاستصحاب وبضمه الى وجدان انتفاء الفرد الاخر ينتفي طبيعي موضوع الحكم الشرعي فيكون أصلا مثبتا ، وهذا مبني على تخيل ان الحكم واحد له فردان الا ان الواقع هو وجود احكام انحلالية احدها يترتب على الفرد الأول للموضوع والأخر على الفرد الاخر له ، فبالاستصحاب نريد ان ننفي الحصة من الحكم الشرعي المترتبة على الفرد الأول من الموضوع وبضمها الى انتفاء الحصة الثانية بالوجدان ينتفي الأثر الشرعي بلا لزوم مثبتية في البين .

الا ان هذا الجواب ليس بصحيح لان انتقال الإرث الى الورثة ليس احكاما متعددة بتعدد الزمان بل هو حكم واحد فلا يصح ان يقال بان لموت الاب مع عدم اسلام الابن في الزمان الأول حكم وله في الزمان الثاني حكم اخر ، وانما هناك حكم واحد مجعول على جامع موت الاب مع عدم اسلام الابن الماخوذ بنحو صرف الوجود ، فلابد لكي ننفي هذا الحكم من نفي هذا الموضوع الكلي ونفيه باستصحاب عدم احد فرديه وضمه الى وجدان انتفاء الاخر يكون أصلا مثبتا ،

هذا هو نهاية الكلام في هذه المسالة وتبين مما تقدم جريان استصحاب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب ويترتب عليه انتقال الإرث الى سائر الورثة وحرمان الابن منه ، في ما اذا كان زمان موت الاب معلوما او بان كان مجهولا لكنه اضيق دائرة في التردد من اسلام الابن . مسالة توارد الحالتين كان الكلام في البحث السابق حول جريان الاستصحاب في فرض وجود حادثين كل منهما موضوع للحكم مع الجهل بالمتقدم والمتاخر منهما ، واما في مسالة توارد الحالتين فنتكلم عن جريان الاستصحاب في فرض وجود امرين متضادين سواء كان كل واحد منهما تمام الموضوع للحكم الشرعي كما لو علم بانه توضا وعلم بانه احدث ولا يعلم المتقدم والمتاخر منهما او كانا بنفسيهما من الاحكام كما لو كان شيء مباحا في وقت ما وعلمنا انه في وقت اخر كان حراما من دون ان نعلم المتقدم والمتاخر منهما ، واشتراط ان يكون كل منهما تمام الموضوع للاثر الشرعي يترتب على اشتراط التضاد بينهما اذ بعد التضاد بينهما فلا يعقل ان يكون كل منهما جزءا لموضوع الحكم ، والكلام يقع في انه هل يجري الاستصحاب في كلتا الحالتين او لا ؟ ، ام انه يجري في معلوم التاريخ فقط ، ومن هنا يعلم بان الكلام يجب ان يقع في مقامين :

المقام الأول: ما اذا كان احدهما معلوم التاريخ والأخر مجهوله ، كما اذا علمنا تاريخ الطهارة وجهلنا تاريخ الحدث ، وهنا قالوا لا ينبغي الاشكال في جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ فاذا علمنا بان هذا الثوب كان طاهرا عند الزوال وعلمنا بانه تنجس ولكن لا نعلم بانه هل تنجس قبل الزوال او بعده فيجري استصحاب بقاء طهارة الثوب لتوفر اركان الاستصحاب فيه ولا احتمال هنا لان يقال بان رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين باليقين ، نعم المكلف في هذه الحالة لديه علم اجمالي بارتفاع الحالة السابقة ولكن فرق بين العلم التفصيلي بارتفاعها ليكون رفع اليد عن الحالة السابقة من باب نقض اليقين باليقين وبين العلم الجمالي بارتفاعها فانه لا يمنع من صدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن الحالة السابقة ولا يصدق عليه انه نقض لليقين باليقين ، لان العلم الإجمالي – على ما هو الصحيح – لا يتعلق بالواقع بل بالجامع وهذا لا ينافي الشك في الأطراف ، كما ان من يتبنى تعلق العلم الإجمالي بالواقع لابد انه يبني على انه يجتمع مع الشك والا لكان علما تفصيليا ، وهذا الشك كاف لجريان الاستصحاب ،