40/04/24
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة
كان الكلام في الصورة الأولى وهي صورة مجهولي التاريخ والتي منع صاحب الكفاية من جريان الاستصحاب فيها واستدل على ذلك بعدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين . وكان لكلامه تفسيران :
التفسير الأول : انه يعتبر اتصال زمان الشك بزمان اليقين في جريان الاستصحاب وبما اننا لا نحرز هذا الاتصال في محل الكلام فيكون المورد شبهة مصداقية لدليل الاستصحاب ،
ويلاحظ عليه : ان المنع من جريان الاستصحاب بدعوى عدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين قائمة على أساس انه على تقدير ان يكون زمان الحادث الذي يراد جر المستصحب اليه بالاستصحاب هو الزمان المتاخر فهنا سيكون فاصلا بين زمان الشك وهو الزمان المتاخر وزمان اليقين فاذا فرضنا ان زمان اليقين بعدم الحادثين هو الزوال والساعة الأولى والساعة الثانية بعد الزوال يحتمل حدوث احد الحادثين في احدهما والأخر في الأخرى ، فاذا اردنا استصحاب عدم اسلام الابن المتيقن عند الزوال الى زمان موت الاب ويحتمل ان يكون هذا في الساعة الثانية فقد فصلت الساعة الأولى بين الزمانين وهي زمان اليقين بارتفاع الحالة السابقة أي الإسلام .
ولعل المناقشة في هذا الكلام ظهرت في مطاوي الحديث السابق وحاصلها ان الساعة الأولى هي زمان الإسلام في الواقع لا زمان اسلام الابن المعلوم فان حصول الموت في الساعة الثانية يعني حدوث الإسلام في الساعة الأولى لا العلم بذلك ، والوجه في ذلك هو ان العلم الموجود في محل الكلام علم اجمالي لا تفصيلي فبناءا على ما هو الصحيح من انه يتعلق بالجامع ولا يسري الى الفرد الواقعي فهو يجتمع مع الشك ففي الساعة الأولى يوجد شك في اسلام الابن اذ لعل الإسلام قد حصل في الساعة الثانية ، وبهذا يتصل زمان الشك بزمان اليقين .وذكر السيد الشهيد[1] (قد) بانه حتى مع التنزل عن هذا المبنى وتفسير العلم الإجمالي بالعلم بالواقع فلا بد من افتراض مجامعته مع الشك في كل من الأطراف وإلاّ لكان علماً تفصيلياً ويكفي في الاستصحاب هذا الشك.
التفسير الثاني : وهو الذي طرحه السيد الشهيد[2] (قد) من ان يكون مقصود صاحب الكفاية في الوجه الذي ذكره لمنع الاستصحاب في المقام هو عدم احراز ان رفع اليد عن الحالة السابقة نقض لليقين بالشك لاحتمال ان يكون نقضا لليقين باليقين وان كانت عبارته لا تساعد على ذلك ، والمقصود به اننا عندما نريد استصحاب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب والمقصود به واقع زمان موت الاب ويحتمل ان يكون هو الزمان الذي نعلم فيه باسلام الابن فمن المحتمل ان يكون موت الاب قد حدث في الساعة الثانية وهي زمان القطع باسلام الابن لان القطع باسلام الابن في الساعة الثانية من لوازم تردده بين الساعة الاولى والثانية ، فعلى هذا التقدير يكون رفع اليد عن الحالة السابقة ليس نقضا لليقين بالشك بل من باب نقض اليقين باليقين ، وما دام هذا محتملا فنحن لا نحرز كون رفع اليد عن الحالة السابقة في المقام من باب نقض اليقين بالشك فتكون شبهة مصداقية لدليل الاستصحاب ، ونفس الكلام نقوله في استصحاب عدم موت الاب الى واقع زمان اسلام الابن فمن المحتمل ان يكون هو الساعة الثانية والتي نقطع فيها بموت الاب .
وقد طبقنا هذا الوجه على صورة ما اذا كان احدهما معلوم التاريخ والاخر مجهوله، وهو يجري في مجهولي التاريخ في ما اذا كانت دائرة احتمال احد الحادثين مطابقة تماما لدائرة احتمال الحادث الاخر كالمثال المتقدم فان دائرة احتمال اسلام الابن اما الساعة الاولى او الثانية وكذلك احتمال موت الاب دون ما اذا كانت دائرة احتمال احدهما اوسع من الاخر .