40/04/22
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة
كان الكلام في ما ذكره السيد الخوئي[1] (قد) في مقام الاعتراض على صاحب الكفاية وخلاصة ما ذكره هو ثلاثة أمور :
الأول : انه لا دليل على اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين وما ذكر من الاستدلال على ذلك بالعطف بالفاء في قوله (عليه السلام ) : (( لانك كنت على يقين ... فشككت )) فمحمول على الغالب ولذا لا اشكال في جريان الاستصحاب حتى مع تأخر زمان اليقين عن زمان الشك
وثانيا : فالمعتبر في الاستصحاب هو فعلية اليقين والشك ووحدة متعلقهما بأن يكون المتيقن هو الحدوث، والمشكوك فيه هو البقاء، ففي صورة الجهل بالتاريخين اذا كنا نريد ان نستصحب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب ونحن على يقين من عدم اسلامه يوم الخميس وفي يوم الجمعة حدث احد الامرين اما اسلام الابن او موت الاب وفي يوم السبت حدث الحادث الاخر ، ففي هذه الحالة نشك في تبدل عدم الإسلام المتيقن يوم الخميس بالوجود ، وهذا الشك في التبدل ينشا من العلم الإجمالي في ان احد الحادثين قد حصل في يوم الجمعة والأخر حصل يوم السبت فعلى تقدير حصول اسلام الابن يوم الجمعة ففي يوم السبت نقول ان عدم اسلام الابن تبدل بالوجود حين موت الاب ، واما اذا فرضنا ان اسلامه كان حادثا يوم السبت فعدم الإسلام لم يتبدل حين موت الاب ، فلدينا يقين تعلق بعدم اسلام الابن حين موت الاب ويوم السبت نشك في بقاءه فنجري الاستصحاب لان الاستصحاب لا يشترط في جريانه الا فعلية اليقين والشك ووحدة متعلقهما ، فالشك في حدوث الاسلام في زمان حدوث الموت موجود يوم السبت - مع اليقين بعدم الاسلام يوم الخميس - فليس لنا تردد في زمان الشك أصلا، والشك انما نشا من العلم الاجمالي المفروض في المقام ،
والثالث : عدم معقولية الشك في الامور الوجدانية لانها حاضرة لدى النفس فلا يتصور الشك فيها فبمجرد ان يراجع الانسان وجدانه يعلم ان لديه يقين او شك ولذا فالشبهة المصداقية غير معقولة في الامور الوجدانية وهي انما تتصور في الامور الخارجية ،
وبالنسبة الى ما ذكره اولا فظاهر كلامه انه يقر بان ظاهر الدليل هو اعتبار تاخر زمان الشك عن زمان اليقين واتصاله به ولكنه يقول ان هذا محمول على الغالب ، ومن المسلم لديهم ان مسالة اعتبار تاخر زمان الشك عن زمان اليقين غير معتبرة ، فلو حصل لنا يقين بطهارة الثوب يوم الجمعة وكان لدينا شك بطهارته يوم الخميس فبالامكان استصحاب اليقين بطهارته الى يوم السبت ، ولعل وضوح هذا المطلب هو الذي دعاهم الى حمل الرواية على الغالب ولذا لم يذكر احد هذا الاشتراط بل حتى صاحب الكفاية لم يذكره في شرائط الاستصحاب ، واما ما ذكره من وجوب تعلق الشك بنفس ما تعلق به اليقين بلحاظ فترة زمنية اخرى فهو صحيح لان اجتماع الشك واليقين في شيء واحد ذاتا وزمانا غير معقول ، مضافا الى ما ذكره من فعلية اليقين والشك وهو متحقق في المقام بالبيان الذي ذكره ،
واما ما ذكره من عدم معقولية الشك باتصال زمان اليقين بزمان الشك بدعوى ان كل شخص لو رجع الى وجدانه لعرف انه كان شاكا في يوم الجمعة مثلا ام لا فان كان شاكا فالزمانان متصلان والا فيعلم بانفصال الزمانين ، فيمكن التامل فيه لان ما ذكره مبني على إرادة اتصال زمان الشك بزمان اليقين في كلام صاحب الكفاية كما هو ظاهره ، ولكنهم ذكروا انه لا يريد ذلك وانما المراد هو اتصال زمان المتقين بزمان المشكوك وهذا لا يتوقف الاستدلال عليه بظهور فقرة (( من كان على يقين فشك )) في ذلك ، بل ان نفس فقرة (( لا تنقض اليقين بالشك يكفي في ذلك )) لانه لو فصل بينهما فاصل فان رفع اليد عن الحالة السابقة ليس نقضا لليقين بالشك بل باليقين ، بمعنى لو ان المكلف قد علم بطهارة الثوب في يوم الجمعة وشك في طهارته يوم الاحد فتارة نفترض انه لم يحصل شيء في يوم السبت فيتصل الزمانان ويجري الاستصحاب لان رفع اليد عن الحالة السابقة نقض لليقين بالشك فيشمله دليل الاستصحاب وأخرى نفترض ان يفصل بين الزمانين اليقين بارتفاع الطهارة يوم السبت فرفع اليد عن الحالة السابقة لا يكون نقضا لليقين بالشك بل باليقين ، فهذا هو مراد صاحب الكفاية وهناك قرينة في كلامه تدل على ذلك فانه علل عدم جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ بقوله ( لعدم احراز اتصال زمان شكه –وهو زمان حدوث الاخر – بزمان يقينه لاحتمال انفصاله عنه باتصال حدوثه به)[2] أي اتصال حدوث الحادث الذي يراد استصحاب عدمه بزمان اليقين بالعدم ، فهو ناظر للحدث لا الى اليقين والشك ، ولذا لا يوجد في كلماتهم ذكر لاعتبار تقدم زمان اليقين على زمان الشك ولا اتصاله به في جريان الاستصحاب فليس مرادا لصاحب الكفاية ولا هو مقصود من اخذ منه[3]