الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة

تقدم القول الأول وما اعترض عليه وانتهينا بعد دفع الاعتراض الى عدم جريان استصحاب بقاء الجزء في صورة العلم بزمان ارتفاعه ، واما القول الثاني الذي ذكره صاحب الكفاية من ان الاستصحاب لا يجري في مجهولي التاريخ دون ما اذا كان احدهما معلوم التاريخ والأخر مجهوله فانه يرى ان الاستصحاب يجري في المجهول فقط، وعلل عدم جريانه في مجهولي التاريخ بعدم احراز اتصال زمان اليقين بزمان الشك والوجه في عدم جريانه في معلوم التاريخ هو عدم الشك في البقاء واما جريانه في مجهول التاريخ في الصورتين الثانية والثالثة فعلله باحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين .

ويلاحظ عليه :

أولا : ان الوجه الذي منع على أساسه من جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ في الصورة الأولى لو تم لمنع من جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ في الصورتين الثانية والثالثة ، فاذا كان تاريخ موت الاب معلوما ولنفرض انه الساعة الثالثة وتاريخ اسلام الابن كان مجهولا وقد ذهب صاحب الكفاية في هذه الصورة الى جريان استصحاب عدم اسلام الابن ولا يجري الاستصحاب في معلوم التاريخ ، الا ان هذا الاستصحاب يواجه نفس المشكلة التي واجهها في الصورة الأولى من عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين لانه يحتمل ان يكون اسلام الابن قد حصل قبل موت الاب فيفصل بين زمان اليقين بعدم اسلام الابن وزمان الشك به زمان يعلم فيه بانتقاض الحالة السابقة ، نعم لو حصل اسلام الابن في الساعة الرابعة لم يحصل ذلك وحينئذ فلا نحرز اتصال زمان اليقين بزمان الشك .

وثانيا: ان زمان الشك ببقاء عدم اسلام الولد موجود منذ البداية وهو متصل بزمان اليقين ؛ فان المفروض في محل الكلام هو ترتب الأثر الشرعي على ذات الجزئين لا على وصف العنوان المنتزع منهما فعدم اسلام الابن كجزء لموضوع الأثر الشرعي لا يفرق فيه بين ان يكون في زمان موت الاب او قبله نعم حين موت الاب ينظم اليه الجزء الاخر للموضوع المركب ، وهذا يعني ان زمان الشك ببقاء عدم اسلام الابن متقدم على زمان موت الاب ؛ لأننا نريد استصحاب عدم اسلام الابن منسوبا الى موت الاب وهو مشكوك منذ البداية وهذا الشك لا يتوقف على حصول موت الاب فلا انفصال بين زماني اليقين و الشك

هذا ، وقد أورد عليه السيد الخوئي[1] (قد) بعدم اعتبار تقدم زمان اليقين على زمان الشك في جريان الاستصحاب فضلا عن اعتبار اتصال الزمانين فان المهم فيه ان يكون اليقين متعلقا بالحدوث والشك متعلقا بالبقاء وما يستفاد من ظاهر قوله (ع): " لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت " من حدوث الشك بعد اليقين، فهو ناظر إلى غلبة الوقوع في الخارج، لا أنه معتبر في الاستصحاب ،

وبناءا على هذا فلا مانع من جريان الاستصحاب في المقام فإنه بعد اليقين بعدم اسلام الولد يوم الخميس نشك في بقائه إلى زمان موت والده، ولم يتخلل بين اليقين والشك يقين آخر حتى يكون فاصلا بين اليقين الأول والشك، واورد عليه ثانيا: بعدم تصور الشبهة المصداقية في الأمور الوجدانية من اليقين والشك وغيرهما من الادراكات، فإنه لا معنى للشك في أن له يقين أم لا، أو فى أن له شك أم لا. نعم الشبهة المصداقية متصورة في الأمور الخارجية، كعدالة زيد وفسق عمرو مثلا، فلا معنى للشك في أن زمان الشك هل هو يوم الجمعة حتى يكون متصلا بزمان اليقين، أو يوم السبت فيكون منفصلا عنه؟

[1] مصباح الأصول، تقرير بحث السيد أبوالقاسم الخوئي، السيد محمد الواعظ الحسيني ج3 ص185.