الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة

تقدم تقريبان لكلام صاحب الكفاية الذي ذهب الى عدم جريان الاستصحاب في صورة الجهل بالتاريخين وهذا هو القدر المتيقن من كلامه والتقريب الأول كان يعتمد على ان المحذور هو عدم اتصال زمان اليقين بزمان الشك والتقريب الثاني كان يبتني على ان المحذور هو عدم احراز كون رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين بالشك حتى يشمله دليل الاستصحاب وواضح ان التقريب الأول يحتاج الى مؤنة اثبات زائدة لاثبات اعتبار الاتصال والا فيمكن ان يقال بان ادلة الاستصحاب لا يعتبر فيها هذا الاتصال بينما لا يحتاج الدليل الثاني الى هذا الشيء لان ادلة الاستصحاب تنهى عن نقض اليقين بالشك فلا بد ان يكون رفع اليد عن الحالة السابقة في مورد نقضا لليقين بالشك حتى يشمله دليل الاستصحاب فلو احرزنا عدم ذلك او ترددنا فيه فلا يجري الاستصحاب لانه في حالة الشك والتردد تكون الشبهة مصداقية لدليل الاستصحاب،

وبيان التقريب الثاني نفس بيان التقريب الأول تقريبا فاذا فرضنا ان يوم الخميس كان هو زمان اليقين بعدم اسلام الابن وعدم موت الاب و يوم الجمعة يحتمل ان يكون هو زمان موت الاب والسبت هو زمان اسلام الابن او بالعكس بمعنى ان يومي الجمعة والسبت يحتمل في كل منهما حدوث احد الحادثين ، فعندما نريد استصحاب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب فان زمان موت الاب ما دام مرددا بين يوم الجمعة ويوم السبت فيحتمل انطباقه على يوم السبت فتاتي شبهة انفصال زمان اليقين عن زمان الشك فعلى تقدير ان يكون موت الاب يوم السبت سوف يفصل زمان اليقين باسلام الابن بين زمان عدم اسلام الابن وزمان الشك نعم على الاحتمال الاخر وهو احتمال ان يكون موت الاب يوم الجمعة يتصل الزمانان فنستصحب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب الا ان هذا احد الاحتمالين في المسالة فنحن لا نحرز الاتصال وهذا معنى القول بان الشبهة مصداقية لدليل الاستصحاب

والتقريب الثاني يلحظ مسالة احتمال انطباق زمان اسلام الابن على يوم الجمعة لان المفروض ان كلا الزمانين يحتمل ان يكون الواقع فيه احد الحادثين فعلى تقدير ان يكون اسلام الولد يوم الجمعة وموت الاب يوم السبت فان رفع اليد عن الحالة السابقة لا يكون نقضا لليقين بالشك بل باليقين ولا بد في شمول دليل الاستصحاب لمورد من ان يكون رفع اليد عنه نقضا لليقين بالشك .

ويتحصل من مجموع ما ذكرنا ان لدينا قولان في المسالة وهما قول الشيخ وقول صاحب الكفاية بكلا تقريبيه وهما القولان الرئيسيان

اما القول الأول والذي منع من جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ وعلله بعدم تحقق الشك في البقاء بلحاظ أي قطعة من قطعات الزمان ، فان الاعتراض المتداول عليه بان الجزء الذي يراد استصحابه يلحظ مقيسا الى زمان حدوث الجزء الاخر لا بالقياس الى عمود الزمان ولا مانع من جريان الاستصحاب فيه بهذا اللحاظ

وجوابه : بناءا على ما تقدم من ان الأثر الشرعي يترتب على ذات الجزئين لا على العناوين والتقيدات والا لمنعنا من جريان الاستصحاب في جميع الصور فان معنى استصحاب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب والذي هو مجهول بحسب الفرض هو اننا نريد استصحاب عدم اسلام الابن الى واقع زمان موت الاب ويحتمل انطباق واقع زمان موت الاب على زمان اليقين باسلام الابن ، وعلى هذا فلا يجري الاستصحاب لأننا لانحرز ان رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين بالشك بل قد يكون نقضا لليقين باليقين ومع هذا الاحتمال يكون التمسك بدليل الاستصحاب في المقام من باب التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية له

والنتيجة ان الصحيح في صورة العلم بزمان ارتفاع الجزء الذي يراد استصحابه هو عدم جريان الاستصحاب وفاقا للشيخ الانصاري (قد) ولا ينفع في جريانه ما ذكروه من ملاحظة الزمان النسبي .

واما القول الثاني الذي تبناه صاحب الكفاية فان المتيقن منه انه يمنع من جريان الاستصحاب في صورة الجهل بالتاريخين وذكرنا له تقريبان وكان الأول يعتمد على نكتة عدم احراز اتصال زمان اليقين بزمان الشك ؛ فمن المحتمل ان يكون زمان الشك في الزمان المتاخر فلو كان زمان اليقين بعدم اسلام الابن هو يوم الخميس ويوم الجمعة هو زمان اليقين باسلام الابن ويوم السبت هو زمان موت الاب فيفصل بين زمان اليقين بالمستصحب وهو عدم اسلام الابن وبين زمان الشك الذي نريد جر الاستصحاب اليه وهو يوم السبت بحسب الفرض بزمان اليقين باسلام الابن، فيكون من قبيل من تيقن الطهارة ثم تيقن الحدث وشك بعد ذلك فليس بامكانه استصحاب الطهارة