الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة

ذكرنا التفسير الذي ذكره السيد الخوئي[1] (قد) لكلام صاحب الكفاية وكان التركيز في كلامه على نقطة ان الاستصحاب لا يجري في مجهول التاريخ باعتبار انه لا يحرز اتصال زمان الشك مع زمان اليقين وفي موارد الشك في الاتصال تكون الشبهة مصداقية للدليل ولا يجوز التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية له

وقد ذكر السيد الخوئي[2] (قد) في بعض تحقيقاته في كتاب الطهارة تعلقا على قول صاحب العروة ( اذا جهل تاريخ الحدث وعلم تاريخ الوضوء ) فبنى على جريان استصحاب بقاء الوضوء وعدم جريان استصحاب الحدث معلّلاً بعدم اتصال الشك باليقين ، وذلك لأنّا إذا فرضنا الساعة الاُولى من الزوال ظرف اليقين بالطّهارة وعلمنا أن الحدث أيضاً قد تحقق ، فإن كان ظرف الحدث ما قبل الزوال أي ما قبل الساعة الاُولى من الزوال فقد تخلل بين اليقين بالحدث وبين الشك فيه اليقين بالطّهارة وهو رافع للحدث ، وإن كان ظرف الحدث هو الساعة الثانية من الزوال ـ والمفروض أن الشك في الساعة الثالثة من الزوال ـ فهما متصلان ، وحيث إنا لم نحرز الاتصال فالمقام شبهة مصداقية للاستصحاب ، ومعه لا يمكن التمسّك بعموم أدلّة اعتباره ، وقد ذكر صاحب العروة بان نفس الاشكال موجود في صورة الجهل بالتاريخين وفي صورة الجهل بتاريخ الوضوء والعلم بتاريخ الحدث وان كان لابد من البناء على وجوب الوضوء من باب قاعدة الاشتغال ، وذكر[3] بان هذا المطلب اخذه من استاذه الشيخ راضي (قد) وكذا ذكر ذلك الشيخ عبد الله الماماقاني (قد) في حاشيته على العروة .

الوجه الثاني في تفسير كلام الكفاية : وهو ما ذكره السيد الشهيد[4] (قد) من احتمال ان يكون مقصوده ان الاستصحاب لا يجري في مجهول التاريخ من جهة احتمال ان يكون رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين باليقين لا بالشك ومعه لا يمكن التمسك بدليل الاستصحاب فيه لانه يكون شبهة مصداقية للدليل، وذكر[5] بان الحكم الشرعي اما ان يكون مترتبا على عدم اسلام الابن في زمان موت الاب بما هو زمان موت الاب او على عدم اسلام الابن في واقع زمان موت الاب وهذا يعني ان كلا من عدم اسلام الابن وموت الاب جزءان يتركب منهما موضوع الحكم الشرعي والملحوظ اجتماعهما في زمان واحد فالاثر يترتب على ذات الجزئين ،

وعلى الفرض الأول لا يجري استصحاب عدم اسلام الابن في زمان موت الاب في جميع الصور لان التقيد الماخوذ فيه لا يمكن اثباته باستصحاب عدم اسلام الابن الا بالملازمة العقلية ، ومحل كلامنا فيما اذا كان الأثر يترتب على ذات الجزئين لا على تقيد احدهما بالاخر فهذا الفرض خارج عن محل الكلام ، وان اخذ زمان موت الاب كعنوان مشير الى واقع الزمان وبناءا عليه فلا يجري الاستصحاب اذا كان زمان ارتفاع كفر الابن معلوما وكان زمان موت الاب مجهولا لان المقصود بالاستصحاب هنا هو استصحاب عدم اسلام الابن الى واقع زمان موت الاب ، وواقع ذلك الزمان مردد بحسب هذه الصورة ، فاذا فرضنا ان زمان اسلام الابن المعلوم كان يوم الجمعة وحيث اننا نحتمل ان موت الاب قد يكون حاصلا في يوم الجمعة وفي هذا اليوم نعلم بارتفاع كفر الابن بحسب الفرض فلا يقين بثبوت الشك في البقاء في الزمان الذي نريد جر الاستصحاب اليه فلا نحرز انه من نقض اليقين بالشك لاحتمال ان يكون من باب نقض اليقين باليقين لان زمان موت الاب يحتمل ان يكون هو يوم الجمعة وهو زمان تبدل كفر الابن واسلامه ، فالمحذور هو عدم صدق نقض اليقين بالشك بل قد يكون من باب نقض اليقين باليقين

[1] مصباح الأصول، تقرير بحث السيد أبوالقاسم الخوئي، السيد محمد الواعظ الحسيني، ج3، ص183.
[2] التنقيح في شرح العروة الوثقي، الخوئي، السيد أبوالقاسم - الشيخ ميرزا علي الغروي، ج6، ص74.
[3] التنقيح في شرح العروة الوثقي، الخوئي، السيد أبوالقاسم - الشيخ ميرزا علي الغروي، ج6، ص75.
[4] بحوث في علم الأصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج6، ص312.
[5] بحوث في علم الأصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج6، ص310.