40/04/15
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة
كان الكلام في المقام الثاني من استصحاب أجزاء الموضوع المركب وهو في توفر اركان الاستصحاب في الجزء الذي يراد استصحاب بقاءه وبالأخص الشك في البقاء ، وقلنا ان هناك حالة لا اشكال في جريان الاستصحاب فيها فيما لو كان الجزء متيقن الحدوث مشكوك البقاء ويراد استصحاب بقاءه الى حين تحقق الجزء الاخر حتى يتحقق موضوع الأثر الشرعي ، والكلام يقع في ما لو كان الجزء الذي يراد استصحاب بقاءه معلوم الحدوث سابقا ويعلم ارتفاعه الان وانما يشك في بقاءه في زمان حدوث الجزء الاخر ، وطبقنا هذا الكلام على مثال موت الاب وكفر الابن ، والمثال الاخر الذي يمثلون به عادة هو الحكم بنجاسة الماء فان موضوعه ملاقاة النجس للماء وعدم كريته فاذا فرضنا ان عدم الكرية للماء الان مرتفعة ولكن نشك بتاريخ ارتفاعها اهو قبل الملاقاة ام بعدها ،
والاشكال في هذا الاستصحاب هو عدم توفر الركن الثاني من اركان الاستصحاب فيه فبلحاظ عمود الزمان لا يوجد شك في البقاء لان عمود الزمان منقسم الى قسمين فان الابن في المثال الأول اما كافر او مسلم. وقد طرحت هذه المسالة في كلماتهم بشكل اخر وهو ان الاستصحاب يجري اذا كان شك في تبدل الحالة السابقة والكلام في المقام في ما اذا علم تبدلها وشك في المتقدم والمتاخر ، والمطروح في المقام شيئان : الأول : هل يجري استصحاب عدم اسلام الابن الى زمان موت الاب حتى يترتب عليه حرمانه من الإرث. الثاني : هل يجري استصحاب عدم موت الاب الى حين اسلام الابن وهو يقتضي استحقاق الابن الارث . وفي كلا الاستصحابين يعلم بانتفاء الحالة السابقة الان، وانما يراد استصحاب بقاء الحالة السابقة الى زمان حدوث الجزء الاخر .وموجود في كلمات الاصحاب ان الشك في التقدم والتاخر تارة يلحظ بالنسبة الى عمود الزمان وأخرى يلحظ بالنسبة الى حادث زماني اخر ،
الأول كما اذا علمنا بعدالة زيد يوم الجمعة وارتفاعها يوم الاحد وشككنا في بقائها يوم السبت واما الثاني فله صور عديدة باعتبار ان الحادثين اللذين يشك في تقدم احدهما على الاخر تارة يكونا مجهولي التاريخ او احدهما على الأقل مجهول التاريخ وهنا تارة نفترض الجهل بتاريخ ارتفاع الجزء الذي يراد استصحابه وأخرى نفترض الجهل بتاريخ حدوث الجزء الاخر ، واما افتراض معلومية تاريخ كل منهما فهو خارج عن محل الكلام اذ معه لا يحصل شك في تقدم احدهما على الاخر ، فتكون الصور التي نتكلم عنها ثلاثة وهي الصور الرئيسية في المقام وان انهاها بعضهم الى ثمانية واخر قال يوجد غيرها ولكن لا يدخل في الغرض الأساسي من الكلام الا ما ذكرنا وفي هذه الصور الثلاث يوجد عدة اراء نستعرضها :الراي الأول :ان الاستصحاب يجري في مجهول التاريخ دون معلومه وهذا الراي تبناه جماعة وهو منسوب الى الشيخ الانصاري (قد) ، وتطبيق هذا الراي على الصور الثلاث المتقدمة ينتج جريان الاستصحابين في الصورة الأولى فيتعارضان ويتساقطان ومعه لابد من الرجوع الى القواعد الأخرى من قبيل الرجوع الى اصالة الطهارة في مثال الماء الملاقي للنجس ،
واما الصورة الثانية التي يكون فيها تاريخ ارتفاع الحالة السابقة مجهولا مع معلومية تاريخ حدوث الجزء الاخر فيجري فيها استصحاب عدم اسلام الابن الى حين موت الاب ويترتب عليه حرمان الابن من الإرث، ولا يعارض باستصحاب عدم موت الاب الى زمان اسلام الابن لان هذا لايجري على هذا الراي ، واما الصورة الثالثة فهي على عكس الصورة الثانية فيجري فيها استصحاب عدم موت الاب الى زمان اسلام الابن ويترتب عليه استحقاقه للارث ولا يعارض باستصحاب عدم اسلام الابن الى حين موت الاب لانه معلوم التاريخ فلا يجري فيه الاستصحاب على هذا الراي .وواضح ان هذا الراي عندما يمنع من جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ فانه يلحظ عمود الزمان فلا يوجد فيه زمان يشك فيه في بقاء معلوم التاريخ ، واغفل قياسه بالنسبة الى حادث زماني اخر فلو قسنا اسلام الابن بالنسبة الى موت الاب فبمراجعة الوجدان سنجد اننا نشك بإسلام الابن حين موت الاب .