40/04/03
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه الثامن: جريان الاستصحاب في الموضوعات المركبة .
وتارة نفترض ان الحكم يترتب على ذوات اجزاء الموضوع المركب وأخرى نفترض ان الحكم يترتب على العنوان المنتزع منها وواضح انه في الحالة الثانية لا يمكن اجراء الاستصحاب في الأجزاء لاثبات الأثر المترتب على العنوان الانتزاعي لانه يكون أصلا مثبتا فالاستصحاب لا يجري في الأجزاء في هذه الحالة وانما يجري في نفس العنوان الانتزاعي ، واما في الحالة الأولى فالامر يختلف اذ يجري استصحاب الجزء وبضمه الى احراز بقية الأجزاء بالوجدان او بتعبد اخر يتنقح موضوع الأثر الشرعي . ومن هنا يظهر ان الاستصحاب يجري في موضوع الحكم اذا كان بسيطا او كان مركبا من أجزاء الا ان الماخوذ فيه هو ذوات الأجزاء ، واما لو كان الأثر يترتب على العنوان المنتزع من الأجزاء فيمكن اجراء الاستصحاب في نفس هذا العنوان ،ويفهم من هذا الكلام انه لا مانع من جريان الاستصحاب في أجزاء الموضوع المركب بشرطين :
الأول : ان يكون الأثر مترتبا على ذوات الأجزاء .
الثاني : توفر اركان الاستصحاب في الجزء الذي يراد استصحابه .
وبناءا على هذا فاذا علمنا بموت زيد يوم السبت وعلمنا بحياته يوم الخميس وشككنا بموته في يوم الجمعة ففي هذه الحالة يمكن استصحاب بقاء عدم موته المتيقن يوم الخميس الى يوم الجمعة وتترتب عليه الاثار المترتبة على عدم موته يوم الجمعة ، واما اذا فرضنا ان الاثر يترتب على عنوان حدوث موته في يوم السبت او على تاخر موته عن يوم الجمعة ففي الحالة الاولى فان جريان الاستصحاب يعتمد على كيفية تفسير الحدوث فان قلنا بانه عنوان مركب من امرين احدهما كونه ميتا يوم السبت والاخر عدم موته في اليوم الذي قبله فلا مانع من جريان الاستصحاب وترتيب الاثر عليه في هذه الحالة لان احد الجزئين محرز بالوجدان والاخر بالاستصحاب ، وان قلنا بان الحدوث عنوان بسيط فيتعذر اجراء الاستصحاب في الاجزاء لاثبات ذلك الاثر لوجود الواسطة العقلية في البين لان لازم عدم موته في يوم الجمعة مع العلم بموته يوم السبت هو حدوث الموت يوم السبت . واما اذا كان الاثر يترتب على تاخر موته عن يوم الجمعة فهنا لا يجري الاستصحاب لوضوح ان التاخر عنوان بسيط فلا يمكن اثبات الاثر المترتب عليه باستصحاب عدم موته يوم الجمعة الا بالواسطة العقلية .ويظهر من هذا الكلام انه لا اشكال عندهم في جريان الاستصحاب في اجزاء الموضوعات المركبة اذا كان الاثر مترتبا على ذوات الاجزاء وتوفرت اركان الاستصحاب في الجزء .
ولكن السيد الشهيد[1] (قد) اشكل على القوم في اجراء الاستصحاب حتى مع توفر هذين الشرطين فذكر بان هذا الكلام يواجه اعتراضاً حاصله : ان الاستصحاب الموضوعي لا بدَّ وأَن يثبت لنا المجعول الفعلي المترتب على ذلك الموضوع ليكون منجزاً ـ سواء كان بلسان جعل الطريقية أو المنجزية أو الحكم المماثل أو أي لسان آخر ـ لأنَّ المنجز بحسب الحقيقة هو الحكم الفعلي ، ومن الواضح ان المستصحب هنا ـ وهو الجزء ـ ليس له حكم ليتعبد به في دليل الاستصحاب وما له حكم ـ وهو المركب ـ ليس مصباً للاستصحاب.
وهذا الاعتراض لا أساس له بناء على ما هو الصحيح والمختار عندنا من انَّ المجعول الفعلي لا واقعية له وانما هو أمر وهمي وانَّ المنجزية موضوعها وصول الحكم بكبراه ـ الجعل ـ وصغراه ـ الموضوع ـ فانه على هذا لا نحتاج في جعل استصحاب الجزء ذي الأثر العملي إلى التعبد بالمجعول الفعلي ، بل مجرد وصول أحد الجزءين تعبداً مع وصول الجزء الآخر بالوجدان أو بتعبد آخر كاف في تنجيز الحكم الواصل كبراه لأنَّ إحراز الموضوع بنفسه منجز لا بما هو طريق إلى إثبات فعلية الحكم المترتب عليه تصوراً ووهماً.