40/03/25
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السابع: الأصل المثبت
تنبيهات الاصل المثبت :كان الكلام في ما ذكره صاحب الكفاية[1] (قد) من الموارد التي ادعى جريان الاصل فيها وانه لا يكون مثبتا :
المورد الاول : استصحاب الفرد لترتيب اثار الكلي ، واستدل على جريانه بان الكلي عين الفرد خارجا ومتحد به وفي باب الاصل المثبت لابد ان يكون موضوع الاثر غير متحد مع المستصحب
وذكر السيد الخوئي[2] (قد) بان هذا الكلام وان كان مما لا اشكال فيه، كيف؟ ولو منع منه لا نسد باب الاستصحاب، إلا أن جريانه في الفرد ليس مبنيا على ما ذكره من اتحاد الكلي والفرد خارجا، بل الوجه فيه أن الأثر أثر لنفس الفرد لا للكلي، لان الاحكام وان كانت مجعولة على نحو القضايا الحقيقية، إلا أن الحكم فيها ثابت للأفراد لا محالة. غاية الامر أن الخصوصيات الفردية لا دخل لها في ثبوت الحكم، وإلا فالكلي بما هو لا حكم له، وإنما يؤخذ في موضوع الحكم ليشار به إلى أفراده، مثلا إذا حكم بحرمة الخمر، فالحرام هو الخمر الخارجي لا الطبيعة الكلية بما هي .
ويمكن ان يقال بان هذا هو مقصود صاحب الكفاية لانه ادعى بشكل واضح بان الكلي عين الفرد في الخارج وانه لا اثنينية بينهما فيمكن تفسير كلامه بما ذكره السيد الخوئي (قد) ،
وعلى كل حال فان المعتبر في الاصل المثبت المغايرة بين المستصحب وموضوع الاثر اما لو كان بينهما اتحاد خارجي فلا ياتي توهم اشكال الاصل المثبت ، ويعتبر فيه ايضا ان يكون المستصحب فقط هو متعلق اليقين والشك دون الواسطة فلو تعلق اليقين والشك بكل منهما لجرى الاستصحاب في اللازم مباشرة وترتب عليه الاثر بلا حاجة الى اثباته باثبات الملزوم ، وما نحن فيه من هذا القبيل لانه كلما وجد يقين بالفرد يوجد يقين بالكلي وهكذا حال الشك فالمفروض تعلق اليقين والشك بالكلي بنفس افتراض تعلقه بالفرد . والحاصل انه لا اشكال في اصل المطلب بمعنى ترتيب اثار الكلي باستصحاب الفرد من دون ان لزوم المثبتية.المورد الثاني[3] : جريان الاستصحاب في منشا الانتزاع لترتيب اثار العنوان الانتزاعي المعبر عنه بالخارج المحمول كالملكية والزوجية لان هذه العناوين لا يكون بحذاءها شيء في الخارج فالاثر في الحقيقة اثر لمنشا انتزاعها ، وهذا بخلاف العرض المحمول بالضميمة فان الاعراض لها وجود في الخارج متميز عن معروضاتها فلو فرضنا ان هناك اثر يترتب على السواد فهذا لا يمكن ترتيبه باستصحاب بقاء الجسم هذا على تقدير كون السواد لازما لبقاء الجسم دون ما اذا فرضنا ان السواد لازم لحدوث الجسم وبقاءه فهو خارج عن محل الكلام اذ عليه يجري الاستصحاب في نفس السواد لتوفر اركان الاستصحاب فيه ،
وقد اعترض عليه السيد الخوئي (قد) : (بان مراده ان كان أن الاستصحاب يصح جريانه في الفرد من الامر الانتزاعي لترتيب اثر الكلي عليه، فيصح استصحاب ملكية زيد لمال لترتيب آثار الملكية الكلية من جواز التصرف له وعدم جواز تصرف الغير فيه بدون اذنه، فالكلام فيه هو الكلام في الامر الأول )[4]
ولكن يبدو ان هذا ليس مقصوده (قد) بل مقصوده ان الاستصحاب يجري في منشا الانتزاع لترتيب الاثار على العنوان الانتزاعي فان عبارته تكاد تكون صريحة في ذلك وواضح ان منشا الانتزاع ليس فردا للعنوان الانتزاعي فان الملكية تنتزع من عقد البيع مثلا وكذا الزوجية من عقد الزواج ،
ولذا اعترض عليه السيد الخوئي (قد) بقوله : ( وإن كان مراده أن الاستصحاب يجري في منشأ الانتزاع ويترتب عليه أثر الامر الانتزاعي الذي يكون لازما له على فرض بقائه، فهذا من أوضح مصاديق الأصل المثبت، فإذا علمنا بوجود جسم في مكان، ثم علمنا بوجود جسم آخر في أسفل من المكان الأول، مع الشك في بقاء الجسم الأول في مكانه، لم يمكن ترتيب آثار فوقيته على الجسم الثاني باستصحاب وجوده في مكانه الأول، فإنه من أوضح أنحاء الأصل المثبت. وكذلك لا يمكن اثبات زوجية امرأة خاصة لزيد مع الشك في حياتها، وإن علم أنها على تقدير حياتها تزوجت به يقينا )[5]