40/03/18
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السابع: الأصل المثبت
تنبيهات الاصل المثبت :لا زال الكلام في جريان استصحاب بقاء الشهر في اليوم المشكوك لاثبات ان اليوم الذي بعده اول الشهر واثبات الاحكام المترتبة عليه ، وانتهى الكلام الى ما ذكره السيد الخوئي (قد) من توجيه هذا الاستصحاب بالرغم من التزامه بعدم جريان الاصل المثبت مطلقا حيث اقترح اجراء استصحاب بقاء اول الشهر للعلم بدخول اول الشهر بمجرد ان يمضي ان من اليوم الذي بعد يوم الشك وهو علم اجمالي لانه مردد بين ان يكون وجود اول الشهر في اليوم السابق او انه دخل بعد دخول ليلة الواحد والثلاثين وهذا يعني اننا في اليوم الواحد والثلاثين نشك في بقاء ما تيقنا بوجوده فنستصحب بقاءه .
وقد نوقشت هذه المحاولة بوجوه تقدم الوجه الاول ، واما الوجه الثاني الذي ذكره السيد الشهيد[1] (قد) حيث ابرز استصحابا معارضا للاستصحاب الذي ذكره السيد الخوئي (قد) ؛ فكما لدينا علم اجمالي بوجود اول الشهر في احد اليومين اما اليوم المشكوك او الذي بعده ، كذلك لدينا علم اجمالي بعدم اول الشهر في احد اليومين فاذا كان العلم الاجمالي الاول يبرر جريان استصحاب بقاء اول الشهر ، فان العلم الاجمالي بعدم اول الشهر في احد اليومين يبرر استصحاب عدم اول الشهر وهو معارض للاستصحاب الذي ذكره السيد الخوئي (قد) .
وقد اجيب عن هذه المعارضة بجوابين نسبا الى السيد الخوئي[2] (قد) :
الجواب الاول: ان استصحاب عدم اول الشهر في اليوم الواحد والثلاثين معارض باستصحاب عدمه في اليوم الثلاثين حيث لا يمكن تصحيح الاستصحابين معا، فيسلم لنا استصحاب بقاء اول الشهر في اليوم الواحد والثلاثين . وقد تقدمت المناقشة في هذا الجواب
الجواب الثاني : ان استصحاب عدم اول الشهر بحسب الحقيقة من استصحاب الكلي من القسم الثالث والمختار عدم جريانه لأنه مردد بين عدم اول الشهر الثابت قبل يوم الثلاثين إلى يوم الثلاثين بناء على ان يكون يوم الثلاثين اول ايام الشهر اللاحق، وهذا مقطوع الارتفاع على كل حال ، وبين عدمه المتحقق بعد انتهاء يوم الثلاثين ودخول اليوم الواحد والثلاثين ، وهذا مشكوك الحدوث من أول الأمر ،فهو مردد بين ما هو مقطوع الارتفاع وبين ما هو مشكوك الحدوث ، فلا يجري هذا الاستصحاب العدمي الكلي وانما الجاري هو استصحاب الوجود المعلوم تحققه إجمالا ، وهذا نظير من كان محدثا بالأصغر وخرج منه بلل مشتبه فانه لا يجري في حقه استصحاب كلي الحدث لانه مردد بين ما هو مقطوع الارتفاع ومشكوك الحدوث ، ولذا يلتزم بعدم الحاجة الى الاغتسال والاكتفاء بالوضوء .
ولوحظ عليه[3] :
اولا : ان الاستصحاب الذي ابرز كمعارض ليس من استصحاب الكلي بل هو استصحاب شخصي فالمراد استصحاب شخص العدم المردد بين العدم في اليوم الثلاثين والعدم المتحقق في اليوم الواحد والثلاثين ، فان استصحاب العدم من قبيل استصحاب الوجود فكما ان استصحاب الوجود استصحاب شخصي مردد بين ان يكون متحققا في اليوم الثلاثين او الواحد والثلاثين كذلك في طرف العدم فان المستصحب حصة خاصة من العدم ، فما نحن فيه من قبيل ما لو علمنا بوجود زيد في مكان وعلمنا بانهدام الجانب الشرقي من ذلك المكان بحيث لو كان زيد في ذلك الجانب لمات فان استصحاب بقاء حياة زيد من الاستصحاب الشخصي . ثانيا : ان التمثيل لما نحن فيه بمثال المحدث بالاصغر وقد خرج منه بلل مشتبه واعتباره من استصحاب الكلي من القسم الثالث لا يخلو من غموض اذ لا اشكال في ان هذا من استصحاب الكلي من القسم الثاني ومن يقول بجريان الاستصحاب فيه فلابد ان يبني على جريان استصحاب بقاء كلي الحدث ومقتضاه وجوب الاغتسال وعدم الاكتفاء بالوضوء ، نعم هناك خصوصية في المثال تمنع من جريان استصحاب بقاء كلي الحدث وتقتضي الاكتفاء بالوضوء وهذه الخصوصية مستفادة من الادلة بدعوى ان المستفاد من الاية الشريفة هو ان موضوع ما دل على مطهرية الوضوء مركب من الحدث الاصغر وعدم الحدث الاكبر والجزء الاول من الموضوع محرز بالوجدان وعدم الحدث الاكبر محرز بالاستصحاب .وهذا لا يعني عدم كون هذا المثال من قبيل استصحاب الكلي من القسم الثاني ، فلا معنى لان ينظر لما نحن فيه باستصحاب الحدث بناءا على عدم جريان استصحاب الكلي فيه لان عدم جريانه لنكتة خاصة لا لانه من القسم الثالث ، ولعل التمثيل به في المقام ناشيء من عدم ملاحظة ان عدم جريان استصحاب الكلي في مثال المحدث بالاصغر لاجل خصوصية في المثال ، وهذا كاحتمال نبرزه ولكننا ننزه مقام السيد الخوئي (قد) من الوقوع في هكذا غفلة .