الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السابع: الأصل المثبت

بناءا على ان مفاد دليل الاستصحاب هو التعبد ببقاء اليقين بلحاظ الجري العملي فان هذا التعبد سوف يتحدد بحدود متعلق اليقين ولا يتسع ليشمل غيره اذ ليس في دليل الاستصحاب اطلاق يثبت به شمول التعبد لغير متعلق اليقين ومن هنا فان الاشكال وارد حتى على الاثار الشرعية المترتبة على المستصحب مباشرة لان الأثر المترتب على المستصحب ليس متعلقا لليقين . وذكرنا الجواب الأول عنه وما يرد عليه ،

واما الجواب الثاني فهو ان يقال : بإمكان اثبات الأثر المباشر للمستصحب تمسكا باطلاق او عموم دليل ذلك الأثر الشرعي ، كما لو دل الدليل على وجوب الانفاق على زيد اذا كان حيا والاستصحاب لايثبت به الا حياة زيد فاذا ثبتت حياة زيد فبالامكان التمسك بعموم او اطلاق الدليل الدال على وجوب الانفاق ، وبهذا نستطيع اثبات الأثر المترتب على المستصحب بلا واسطة واذا ثبت امكن الانتقال للاثر الثاني بنفس البيان كما لو كان موضوع حرمة دفع الزكاة هو من يجب الانفاق عليه

وهذا الجواب مبني على فهم ان دليل الاستصحاب يكون حاكما على موضوع ذلك الدليل واقعا بان يوسع من موضوع الأثر الشرعي واقعا فيكون موضوع وجوب الانفاق في المثال ليس هو الحياة الواقعية فقط بل الاعم منها ومن الظاهرية ، فاذا التزمنا بهذا الكلام فلا اشكال لان الحياة التعبدية المحرزة بالاستصحاب تكون كالحياة الواقعية موضوعا لوجوب الانفاق ، ولكن لم يلتزم احد بالحكومة الواقعية في محل الكلام بل اذا كانت فهي حكومة ظاهرية ومفادها توسعة موضوع الدليل ظاهرا ويبقى موضوع الحكم هو الحياة الواقعية والاستصحاب انما يثبته ظاهرا لا واقعا ، ومن هنا يأتي الاشكال فكيف يمكننا اثبات وجوب الانفاق مع ان موضوعه غير محرز لا وجدانا ولا تعبدا ؟.

الجواب الثالث : ان الواسطة اذا كانت شرعية فيكفي في ثبوتها ثبوت المستصحب تعبدا وظاهرا لانها من اثار وجود المستصحب مطلقا ، فلا مشكلة في الأثر المباشر للمستصحب لان موضوعه هو الاعم من الحياة الواقعية والثابتة بالتعبد والاستصحاب يثبت الحياة تعبدا فيترتب عليها الأثر ، بخلاف الأثر التكويني فانه لا يثبت الا بثبوت المستصحب واقعا لانه من اثار الموضوع الواقعي ، وعليه فلا يمكن اثبات الواسطة التكوينية بالاستصحاب وكذا الاثار الشرعية المترتبة عليها .

وهذا الوجه في حقيقته يرجع الى الوجه السابق ؛ اذ لا يمكن اثبات ان موضوع الحكم الشرعي هو الاعم من الموضوع الواقعي والظاهري بقطع النظر عن الاستصحاب فليس في دليله ما يشير الى ذلك ، اما اذا لا حظنا الاستصحاب فان امنا بالحكومة الواقعية يصح هذا الكلام اما اذا انكرنا ذلك وقلنا بان الحكومة المدعاة في المقام حكومة ظاهرية بمعنى ان موضوع الحكم الشرعي هو الوجود الواقعي من دون ان يتصرف فيه الاستصحاب فياتي الاشكال اذ لا يمكن اثبات الواسطة الشرعية بالاستصحاب لعدم تحقق موضوعها واذا لم يثبت الحكم الأول فلا يمكن اثبات الاحكام الطولية المترتبة عليه .

الجواب الرابع : ان دليل الاستصحاب يثبت التعبد في حدود ما كان على يقين منه ولا يتعداه الى غيره مما لم يتعلق به يقين فلا يثبت اللوازم ولا اثارها باعتبار انها لم تكن متعلقا لليقين فلا يشملها التعبد الاستصحابي واما الاثار فلعدم تحقق موضوعها ،

الا ان هذا لوحده لا يكفي جوابا عن الاشكال لان مصب الاشكال ليس فقط حول السبب في عدم اثبات الواسطة التكوينية والاحكام الشرعية المترتبة عليها بالتعبد الاستصحابي، بل حول الفرق بين الأثر الشرعي والاثر التكويني ، ثم ان التعليل المذكور في هذا الجواب يكون شاملا للواسطة الشرعية فعلى هذا الكلام لا تثبت بالتعبد الاستصحابي