40/01/23
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السابع: الأصل المثبت
ذكرنا ان السيد الشهيد (قد) قد ذكر تقريبين لبيان ما ذكره المحقق النائيني (قد) ، ثم ذكر تعقيبا على ذلك بان التقريب الثاني لا ينسجم مع تصورات المحقق النائيني لانه يعتمد على وجود اطلاق في تنزيل الأصل والامارة منزلة العلم وهذا الاطلاق ينتج حجية مثبتات الامارة دون الأصول وهذا مبني على ان الحجية معناها التنزيل ، ولكن المحقق النائيني لا يؤمن بالتنزيل لانه يرى فيه محذور فمن المحال ان ينزل الشارع شيئا منزلة شيء اخر بلحاظ احكام غيره فاذا نزل الشارع الامارة منزلة العلم بلحاظ كل الاثار الثابتة للعلم فان من جملة اثاره المنجزية والمعذرية وهي من الاحكام العقلية فقد نزلها بلحاظ احكام غيره ، ونفس الكلام في الأصول العملية ، ولذا فهو لا يدعي التنزيل وانما يدعي ان المجعول في المقام هو الطريقية ابتداءا بلا توسط التنزيل بمعنى انه يوجد فردا اعتباريا من افراد العلم على طريقة المجاز الادعائي المنسوب للسكاكي فيقول الامارة علم . فيثبت له الأثر الجامع بين الفرد الحقيقي والادعائي وهو التنجيز والتعذير فتثبت المنجزية والمعذرية بلا افتراض تنزيل . ولا يبعد ان يكون مقصود المحقق النائيني هو ما ذكره السيد الشهيد (قد) في التقريب الأول . المسلك الثاني : ما ذكره المحقق الخراساني (قد) في الكفاية من ان دليل حجية الامارة ينصب على مسالة الحكاية والاخبار فما تخبر به الامارة وما تحكي عنه يكون حجة و هذا الكلام يقتضي ثبوت الحجية للمدلول المطابقي والالتزامي للامارة اذ لا فرق بين المدلولين من ناحية حكاية الامارة واخبارها عنهما . وهذا الامر غير موجود في الأصول العملية فان دليل اعتبار الأصل كالاستصحاب يتحدد بحدود ما تتيقن به ، فالاستصحاب لا قابلية فيه لاثبات لازم المستصحب انما هو ناظر الى المستصحب والاثار الشرعية الثابتة له فمثلا اذا رفعت اليد عن نبات اللحية في مثال استصحاب حياة زيد لم اكن قد نقضت اليقين بالشك اذ لا يقين بنبات اللحية سابقا . وقد اشكل عليه كل من المحقق النائيني والسيد الخوئي (قد) بان الاخبار و الحكاية فرع القصد في حين ان الثقة عندما يحكي عن شيء قد لا يكون ملتفتا الى مدلوله الالتزامي او قد يكون غير ملتفت الى الملازمة بين ما يحكي عنه وبينه . وبعبارة أخرى : ان صدق الحكاية عن المدلول الالتزامي تتحقق في حالة ما اذا كان اللازم بين بالمعنى الأخص بحيث يكفي تصور الملزوم في تصوره ، او يكون بينا بالمعنى الاعم مع فرض الالتفات للملازمة ، اما مع عدم الالتفات للملازمة فضلا عن انكارها او كان اللازم غير بين فالحكاية عن المدلول الالتزامي لا تصدق لعدم القصد في محل الكلام . وقد أجاب المحقق العراقي (قد) عن هذا الاعتراض بكفاية القصد الارتكازي الإجمالي في صدق الحكاية والاخبار والقصد الإجمالي للمدلول الالتزامي موجود لان من يخبر عن شيء يخبر عن لوازمه ارتكازا ولو لم يكن ملتفتا الى خصوصياتها كما هو الحال في الإقرار فلا اشكال في ان الإقرار بشيء يعد اقرارا بلوازمه ويترتب عليه اثر الإقرار على نفسه مع انه قد يكون غير ملتفت الى تلك اللوازم ، والاقرار اخبار في حقيقته . ولعل الوجه في ما ذكره هو ان المدعى في المقام ان المخبر عندما يصدق بشيء ويثبت عنده النسبة التصديقية فهذا بنفسه يعد تصديقا بلازم ذلك الشيء وليست المسالة مسالة اخبار وحكاية حتى يقال بان الاخبار عن المدلول الالتزامي لا يكون الا مع القصد والالتفات ، فالقصد الارتكازي الإجمالي موجود في محل الكلام لان تصديق المخبر في ما يخبر عنه تصديق بلوازمه وهذا غير ما ذكر من الاخبار . ومن هنا يظهر عدم ورود هذه الملاحظة على ما ذكره (قد) ، نعم هناك شيء اخر وهو ان ما ذكره لا ينطبق على كل الامارات بمعنى ان العنوان الذي هو مصب دليل الحجية لا يصدق على المدلول الالتزامي بالرغم من الالتزام بحجيتها فيه كما في الشهرة فان عنوان الشهرة لا يصدق على المدلول الالتزامي .