الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/01/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السابع: الأصل المثبت

والبحث فيه يقع في مقامين :

المقام الأول : في بيان الوجه في الفرق بين الأصول والامارات فان مثبتات الامارات حجة دون الأصول ، وهناك مسالك لبيان ذلك

المسلك الأول : ما ذكره المحقق النائيني (قد) ومرجعه الى ان سنخ المجعول في الامارات يقتضي حجية مثبتاتها بخلاف سنخ المجعول في الأصول العملية فانه لا يقتضي ذلك ، وله كلام طويل يمكن تلخيصه بما ذكره من ان الأصول والامارات يختلفان موضوعا وحكما اما موضوعا فانهما يختلفان في جملة من الأمور :

الامر الأول : ان الشك اخذ في موضوع الأصول ولم يؤخذ في موضوع الامارات فلم يؤخذ الشك في لسان دليلها وان كان موردا لجعلها لاستحالة جعل الحجية للامارة في ظرف القطع بالواقع وانكشافه ، الامر الثاني : يوجد في الامارة كاشىفية عن الواقع بقطع النظر عن دليل اعتبارها غاية الامر ان كشفها ناقصا يجتمع مع احتمال الخلاف فتكون وظيفة دليل اعتبارها تتميم هذا الكشف بإلغاء احتمال الخلاف وهذا هو معنى حجية الامارة ، بينما لا تكون الأصول العملية طريقا للواقع وليس فيها كشف عن الواقع . الامر الثالث : ان الشارع في مقام اعتبار الامارة لاحظ جهة كشفها عن الواقع ، فلو فرضنا ان الشارع الغى جهة الكشف عن امارة من الامارات بان لم يلاحظها عند اعتبار تلك الامارة فحينئذ نتعامل مع هذه الامارة معاملة الأصول العملية فلا تكون مثبتاتها حجة ، ولا يبعد ان هذا يتحقق في بعض الامارات كما في قاعدة التجاوز والصحة بل حتى الاستصحاب في وجه . واما اختلافهما حكما : فذكر بان العلم الطريقي الوجداني فيه ثلاث جهات : الأولى : كونه صفة قائمة في النفس . الثانية : كونه طريقا الى المعلوم وكاشفا عنه الثالثة : كونه محركا عملا نحو المعلوم . والمجعول في الامارات انما هي الجهة الثانية فالمقصود من جعل الحجية للامارات هو تتميم كشفها واعتبارها علما ، بينما المجعول في الأصول هو الجهة الثالثة ويمكن التعبير عنه بمسالة الجري العملي على طبق الأصل نحو المؤدى ، واما الجهة الأولى فهي من اللوازم التكوينية للعلم الوجداني ولا يمكن ان تنالها يد الجعل ، ومن هنا يظهر الوجه في اعتبار مثبتات الامارة دون الأصول العملية . وحاصل ما ذكره ان سنخ المجعول في باب الامارات يختلف عن سنخ المجعول في باب الأصول العملية فالمحركية لا تقتضي ازيد من الجري العملي دون اعتبار المثبتات ، فاذا جرى الأصل العملي في الاحكام فان دليل اعتباره يقتضي اثبات ذلك الحكم واذا جرى في موضوع خارجي فدليل اعتباره يقتضي ترتيب الأثر الشرعي لذلك الموضوع الخارجي فقط دون الاثار التي تترتب عليه بوسائط عقلية وعادية .

ثم أوضح نظريته اكثر فقال : - في مقام التعريض بالاخرين ومنهم صاحب الكفاية الذي ذكر بان الفارق بين الامارات والأصول اثباتي فان ادلة حجية خبر الواحد تامر بتصديق العادل في ما يحكي عنه والامارة كما تحكي عن مدلولها المطابقي تحكي عن مدلولها الالتزامي كما هو الحال في العلم الوجداني فانه عندما يحكي عن شيء فهو بنفس الدرجة يحكي عن لازمه بعد الفراغ عن الملازمة بينهما – نحن لا نسلم بان الامارة تحكي عن لوازمها انما هي تحكي عن مؤداها فقط دون لوازمه كيف وقد يكون اللازم مغفولا عنه من قبل المخبر والحكاية مشروطة بالالتفات فنحن لا ندعي بان الوجه في حجية مثبتات الامارة هو مسالة الحكاية كما ذكر في الكفاية بل الوجه في ذلك هو كون الامارة محرزة للمؤدى وكاشفة عنه كشفا ناقصا والشارع –بحسب ادلة اعتبارها – قد اكمل كشفها فتكون كاشفة عن مؤداها كالعلم وبعد افتراض انكشاف المؤدى فحينئذ يترتب عليه جميع ما للمؤدى من الخصائص والاثار ،

بخلاف الأصول العملية فان المجعول فيها لما كان هو الجهة الثالثة أي المحركية وتطبيق العمل على المؤدى فحينئذ لابد من الاقتصار في التعبد على مقدار المتعبد به فاذا كان المؤدى حكما شرعيا فدليل اعتبار الأصل العملي لا يفيد الا الجري العملي على طبق ذلك الحكم الشرعي ، وان كان الأصل جاري في موضوع خارجي فيكون المتعبد به هو الجري العملي على وفق الحكم الشرعي الثابت لذلك الموضوع الخارجي .