الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/01/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السادس: استصحاب عدم النسخ

المقام الثاني : في جريان استصحاب عدم نسخ الحكم الثابت في الشريعة السابقة .

كان الكلام في الاشكال الثاني الذي طرحه الميرزا النائيني على استصحاب عدم نسخ الحكم الثابت في شريعة سابقة ، وخلاصة الاشكال : ان الاستصحاب لوحده لا يكفي لاثبات الحكم في حقنا بل يحتاج الى الامضاء من قبل نبينا ( صلى الله عليه واله ) واذا اردنا اثبات الامضاء بالاستصحاب يلزم منه الأصل المثبت ،

واشكل عليه السيد الخوئي (قد) بإمكان اثبات الامضاء بالاستصحاب اذ لا فرق بين الاستصحاب وبين الدليل الخاص الدال على ثبوت ذلك الحكم بالنسبة الينا ،

وقلنا بان ما ذكره السيد الخوئي (قد) ان كان يرجع الى ما ذكره المحقق النائيني (قد) فالاشكال عليه هو ما ذكر من كونه مثبتا لأننا بالاستصحاب نثبت لازم المستصحب وهو الامضاء

ولكن يحتمل ان يكون مقصوده اثبات الامضاء لا على أساس الملازمة المذكورة بل بين نفس الاستصحاب كحكم ظاهري ثابت بدليل اجتهادي وبين الامضاء فاذا كان المكلف مخاطبا بعدم نقض اليقين بالشك فهو مامور بعدم نقض هذا الحكم الظاهري بالشك فيدخل في باب لوازم الامارة وهي حجة

ومن هنا يتبين بانه يمكن اثبات الامضاء بنفس دليل الاستصحاب ولا يكون من الأصل المثبت

هذا مضافا الى اننا انما نحتاج الى الامضاء اذا أجرينا الاستصحاب في حكم النبي السابق اذا اخذناه على نحو الموضوعية كحكم صادر منه لان مولويته غير ثابتة في حقنا فلا يكون حكمه نافذا علينا ، دون ما لو اخذنا حكمه على نحو الطريقية وكان المقصود اجراء الاستصحاب في حكم الله تعالى الذي بلغه النبي السابق والى هنا يظهر عدم توجه الاشكالين السابقين على استصحاب عدم النسخ . نعم هذا الاستصحاب انما يتم بعد فرض تمامية اركان الاستصحاب والشروط المعتبرة فيه ومن هنا قد يناقش في ذلك كان يقال بانه لا يقين بثبوت الحكم في الشريعة السابقة اذ لا يمكن الاعتماد على كتبهم لكثرة التحريفات فيها الا في الموارد التي ينص القران الكريم على ثبوت الحكم فيها كما في مسالة الكفالة في قصة النبي يوسف ( عليه السلام ) وصحة الزواج مع الترديد في قصة النبي موسى ( عليه السلام ) . الا ان المهم هو المناقشة في تحقق الركن الثاني باعتبار ان الشك في البقاء مبني على ما تقدم من ان الشريعة اللاحقة انما تنسخ بعض احكام الشريعة السابقة لا جميعها ، واما على القول بان الشريعة اللاحقة تنسخ جميع احكام الشريعة السابقة فمع القطع بارتفاع الحكم السابق لا مجال لجريان استصحاب عدم النسخ ، والمعنى الثاني وان كان مستبعدا من قبل الفقهاء الا ان بعض الاعتبارات تساعد عليه فالناس في بداية الشريعة كانوا يجهلون احكام الشرائع السابقة بينما لازم الراي الأول ان الناس مكلفون ببعض احكام الشريعة السابقة وهو فرع العلم ، بالإضافة الى ما هو المعروف من تدريجية الاحكام في شريعتنا فكان التركيز في بداية البعثة على التوحيد والأمور الاعتقادية ثم بينت الاحكام على نحو التدريج وهذا ينسجم مع الراي الثاني . هذا ولا توجد دلالة واضحة في الروايات على ترجيح احد الرايين وقد يشكك بتحقق وحدة الموضوع لاحتمال ان تكون الاحكام الثابتة في الشرائع السابقة مجعولة على نهج القضية الخارجية فيكون موضوعها المكلفين الموجودين في الزمان السابق فلم تتحد القضية المتيقنة والمشكوكة، ويكفي في هذا احتمال ان تكون الاحكام الثابتة في الشرائع السابقة احكام وقتية بخلاف الاحكام الثابتة في شريعتنا باعتبار ان نبينا (صلى الله عليه واله) خاتم النبيين. ولكن الظاهر – بعد دفع هذه الإشكالات – ان الاشكالين الأول والثاني غير واردين في محل الكلام.