الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

40/01/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه السادس: استصحاب عدم النسخ

المقام الثاني : في جريان استصحاب عدم نسخ الحكم الثابت في الشريعة السابقة .

ذكرنا انه قد استشكل عليه باشكالين :

الاول : ان العلم الاجمالي بنسخ بعض احكام الشريعة السابقة يمنع من جريان استصحاب عدم النسخ فان اجراء الاستصحاب في جميع الاحكام ينافي العلم الاجمالي بثبوت النسخ في بعضها واجراءه في بعضها دون الاخر ترجيح بلا مرجح فتتعارض الاستصحابات وتتساقط ،

وجوابه : ان هذا العلم الاجمالي عادة ينحل بالعلم التفصيلي بثبوت احكام منسوخة بمقدار لا ينقص عن المعلوم بالاجمال ، او يقال بان هذا العلم الاجمالي ينحل بعلم اجمالي اصغر دائرة منه كما لو علمنا بنسخ بعض الاحكام الترخيصية فينحل العلم الاجمالي الكبير في هذه الدائرة والشك البدوي في خارجها ، ويضاف الى ذلك ان العلم الاجمالي انما يمنع من جريان الاصول في الاطراف اذا فرضنا ان جريان استصحاب عدم النسخ في هذه الموارد مستلزم للترخيص في المخالفة العملية القطعية ، وهذا يكون في حالة خاصة وهي فيما اذا فرضنا ان الحكم الذي يراد استصحابه كان حكما ترخيصيا ، مع فرض تعلق العلم الاجمالي بنسخ بعض الاحكام الترخيصية ، اما في غير هذه الحالة كما لو فرضنا ان الحكم الذي يراد استصحابه كان حكما الزاميا فلا محذور في جريان استصحاب عدم النسخ كما في استصحاب النجاسة في جميع الاطراف مع العلم الاجمالي بطهارة بعض الانية فلا مخالفة قطعية للتكليف المعلوم بالاجمال دون العكس . الاشكال الثاني : ما ذكر في تقريري بحث المحقق النائيني (قد) من انه لا جدوى من اجراء استصحاب عدم النسخ في المقام لان غاية ما يصنعه الاستصحاب هو اثبات الحكم في جميع الازمان حتى في زماننا الا ان هذا لوحده لا يكفي لاثبات الأثر العملي للحكم ووجوب اطاعته علينا الا بثبوت الامضاء من قبل نبينا ( صلى الله عليه واله ) ، هذا خلاصة ما جاء في فوائد الأصول .واما في اجود التقريرات فذكر باننا تارة نبني على ان نسخ الشريعة السابقة بمعنى الغاء كل احكامها وان احكام الشريعة اللاحقة تجعل بجعل جديد بما فيها الاحكام الموافقة لاحكام الشريعة السابقة وعليه فيكون الاشكال على استصحاب عدم النسخ واضح اذ لا شك في النسخ ليجري استصحاب عدمه ، واما لو بنينا على ان النسخ يعني ملاحظة احكام الشريعة السابقة فما توافق عليه الشريعة اللاحقة تمضيه وما تخالفه تجعل حكما مضادا له ، وعلى هذا فلا يجري استصحاب عدم النسخ أيضا فلا يكفي في ثبوت الحكم بالنسبة الينا وصيورته ذا اثر عملي من حيث الامتثال الا بامضاء النبي ( صلى الله عليه واله ) ولا علم لنا بالامضاء . لا يقال يمكن الاعتماد على الاستصحاب في اثبات الامضاء ، لان هذا اعتماد على الأصل المثبت لان هذا الامضاء لا يثبت بالاستصحاب الا بالواسطة العقلية ، بان يقال بان هذا الحكم حينما جعل في الشريعة السابقة مطلقا من حيث الازمان فلابد ان يكون ملاكه تاما في جميع الأزمنة كما هو مقتضى اطلاقه واذا كان الملاك تاما فهذا يستلزم الامضاء من قبل النبي ( صلى الله عليه واله ) . وقد أورد عليه السيد الخوئي (قد ) بإمكان اثبات الامضاء بالاستصحاب باعتبار ان الاستصحاب دليل شرعي ثابت في شريعتنا فكما يمكن اثبات الامضاء بالدليل الخارجي كذلك يمكن اثباته بدليل عام وهو الاستصحاب فان الشارع امرنا بإبقاء ما كان على ما كان بقوله (( لا تنقض اليقين بالشك )) ، فلا يمكن القول بان الامضاء غير معلوم بل بالإمكان اثباته بالاستصحاب وهذا الجواب تارة يطرح كما طرحه المحقق النائيني ( قد ) فيلزم منه الأصل المثبت ، وأخرى يقال بان المراد من اثبات الامضاء بالاستصحاب هو ان نفس قول الشارع (( لا تنقض اليقين بالشك )) دليلا على امضاء الحكم الثابت في الشريعة السابقة .