الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

تقدم الاعتراض الأول على ما ذكره السيد الشهيد ( قد ) من تفصيل في جريان الاستصحاب التعليقي وحاصله هو: ان كان المقصود من هذا الاستصحاب هو اثبات القضية التعليقية فقط فلا يترتب عليها التنجيز ،

وان كان المقصود استصحاب القضية الشرطية هو التحول للفعلية فهذا اصل مثبت لان اثبات فعلية الجزاء عند تحقق الشرط باستصحاب القضية الشرطية ليس اثرا شرعيا له حتى يثبت بهذا الاستصحاب بل هو اثر عقلي.ويمكن ان يجاب هذا الاعتراض بعدة أجوبة :

الجواب الأول : ما ذكره السيد الشهيد ( قد ) من ان هذا الاعتراض انما يتم على مسلك جعل الطريقية في الاستصحاب او مسلك جعل المنجزية والمعذرية ولا يتم على مسلك جعل الحكم المماثل لان معناه جعل حكم ظاهري مماثل للحكم الواقعي المستصحب فدليل الاستصحاب في محل الكلام يجعل حكم ظاهري بحرمة الزبيب عند الغليان ويمكن اثبات فعلية هذا الحكم الظاهري عند تحقق الغليان من دون ان يكون ذلك اصل مثبت لان فعلية الحرمة عند تحقق الغليان من لوازم نفس القضية الشرطية الظاهرية الثابتة بالاستصحاب فهذا لازم عقلي للتعبد الاستصحابي لا للمستصحب اذ المستصحب هو الحكم الواقعي ، ولوازم الاستصحاب حجة لانها مدلول امارة وهي حجة في لوازمها .

فهذا الاعتراض لو تم انما يتم على بعض المسالك دون جميعها .

نعم ، هذا الجواب لا يتم بناءا على ما تقدم نقله عن السيد الشهيد ( قد ) من ان روايات الاستصحاب تدل على النهي عن نقض اليقين بعد حمل النقض على النقض العملي ، فيكون المقصود هو النهي عن النقض العملي للمستصحب وهذا انما يتصور عندما يكون للمستصحب اثر عملي يترتب عليه ، ومن هنا يستشكل في شمول دليل الاستصحاب لمحل الكلام باعتبار ان المستصحب بحسب الفرض هو القضية الشرطية وهي قضية تعليقية لا اثر عملي لها .

الجواب الثاني : ان استصحاب بقاء الجعل عند الشك في النسخ هو استصحاب حكم غير فعلي ، واثبات فعلية هذا الحكم باستصحاب الحكم المشروط لا يتم الا بناءا على الأصل المثبت ، فاذا كان هذا مانعا من جريان الاستصحاب في محل الكلام فليكن مانعا منه في باب النسخ .

واجيب عنه بان المستصحب في استصحاب عدم النسخ ليس هو القضية التعليقية بل هو عبارة عن المجعول الكلي الثابت لموضوعه الكلي ، فالمستصحب هو بقاء محمول القضية التعليقية على موضوعها الكلي وهو من استصحاب الحكم التنجيزي، اما بناءا على ان النسخ تخصيص ازماني فالامر واضح حيث ان الشك فيه يرجع الى الشك في سعة المجعول بلحاظ عمود الزمان ، واما على القول بان النسخ رفع للجعل حقيقة فهو يفترض ان المجعول شامل بالفعل للزمان الأول والزمان الثاني في البداية لكن الشارع يرفع المجعول في الزمان الثاني ، فالمرفوع هو المجعول بمعنى ان ما نستصحب بقاءه عند الشك في النسخ هو المجعول لا القضية الحقيقية التعليقية ، وهذا ليس من الاستصحاب التعليقي في شيء بل هو استصحاب تنجيزي فلا يصلح بان يكون نقضا في محل الكلام

ويلاحظ عليه : بان المراد من استصحاب عدم النسخ هو استصحاب بقاء الجعل والتشريع ولا يراد به ما ذكره ، ولذا لا نشترط في جريانه تحقق المجعول ، ومما ينبيء بذلك ان من اهم الإشكالات على النسخ هو انه يلزم منه نسبة الجهل للباري سبحانه وهذا يرتبط بالجعل ولا علاقة له بالمجعول ، والجعل والتشريع هو عبارة عن القضية الشرطية الحقيقية ،

ثم ان قوله المجعول الكلي الثابت للموضوع الكلي اذا لم نفترض بان المراد منه المجعول باصطلاح الميرزا النائيني ( قد ) لوضوح ان هذا ليس له ثبوت سابقا فلا بد ان يكون المراد من المجعول في كلامه هو الجعل ليس الا .

الجواب الثالث : ان هذا الاعتراض مبني على ان فعلية المجعول هي مرحلة أخرى تتحقق وتوجد بتحقق الموضوع خارجا ، الا ان هذا مجرد تصور لا واقع له فليس هناك شيء وراء الجعل نسميه بالمجعول ، فيكفي في التنجيز والدخول في العهدة هو وصول الكبرى والصغرى للمكلف ، والكبرى في محل الكلام هي الحكم وهو ثابت بالاستصحاب ، والصغرى وهي الموضوع وهو ثابت بالوجدان ، فاذا احرز المكلف الحكم وموضوعه تنجز عليه الحكم ودخل في عهدته.