الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

والى هنا نكون قد استعرضنا عمدة المناقشات التي ذكرت حول ما ذكره المحقق النائيني ( قد ) من الاشكال على اجراء الاستصحاب التعليقي ، وتبين مما تقدم عدم ورود شيء من تلك المناقشات .

وذكر السيد الشهيد ( قد ) مطلبا يمكن جعله اعتراضا خامسا على كلام المحقق النائيني كما يمكن اعتباره تفصيلا جديدا في المسالة ،

وحاصله : ان ما ذكره المحقق النائيني ( قد ) من دليل للمنع من جريان الاستصحاب التعليقي يكون تاما في صورة كون قيود الموضوع ماخوذة في عرض واحد كان تناط الحرمة بالغليان في عرض اناطة الحرمة بالعنبية ،

اما لو اخذ احدهما في طول اناطة الحكم بالاخر فلا مانع من جريان الاستصحاب التعليقي في هذه الحالة . فان ما ورد في كلام المحقق النائيني من رجوع قيود الحكم الى قيود الموضوع بمعنى اخذها مقدرة الوجود سواء كانت قيودا للحكم او للموضوع بحسب ظاهر الدليل صحيح وتام الا انه لم يقم برهان على ان هذه القيود يجب ان تؤخذ في الموضوع مقدرة الوجود بعرض واحد بل يمكن ان تؤخذ مقدرة الوجود على نحو الطولية والترتب بمعنى ان الحكم يقيد بالغليان ثم بما هو مقيد بالغليان يناط بالعنبية بان يجعل العنب موضوعا لهذا الحكم المقيد بما هم منوط ومقيد ،

وهذا لا يفرق فيه بين استخدام القضية الشرطية في التعبير عنه كما في قوله ( العنب اذا غلا حرم ) ، وبين التعبير عنه بقضية حملية كما في قوله ( العنب المغلي منه حرام ) ،

و هذا إشارة الى ما ذكره بعض المحققين من التفرقة بين القضية الشرطية فيجري فيها الاستصحاب والحملية فلا يجري فيها .

والوجه فيما ذكره هو اختلاف الموضوع باختلاف هاتين الحالتين فلو اخذ القيدان في عرض واحد يكون موضوع الحرمة هو العنب المغلي بينما لو اخذا على نحو الطولية والترتب فموضوع الحرمة المنوطة بالغليان هو ذات العنب ، ففي الحالة الأولى لدينا حرمة منوطة بقيدين في عرض واحد فيأتي كلام المحقق النائيني ( قد ) لان فعلية المجعول متوقفة على جميع قيود الموضوع اما بالفعل او بالفرض والتقدير ،

اما لو كانا ماخوذين على نحو الطولية والترتب فلا مانع من جريان الاستصحاب في نفس هذه القضية الشرطية التي وقع العنب موضوعا لها بقوله ( العنب اذا غلا حرم ) لانها قضية مجعولة من قبل الشارع وكنا على يقين منها سابقا فاذا شككنا في بقائها بسبب زوال الرطوبة امكن استصحابها بعد الجفاف ،

وهذا لا يمكن تطبيقه على الحالة الأولى لان موضوع الحرمة فيها هو مجموع القيدين من العنبية والغليان فقبل الغليان لا توجد حرمة فعلية حتى يمكن استصحابها ، كما لا يمكن استصحاب الملازمة لانها امر عقلي لا يمكن التعبد به

وبناءا على هذا فلا بد من التفصيل بين الحالتين ،

ولا بد من توضيح بعض الأمور في كلامه ( قد ) :

الأول : ان ما ذكره ( قد ) لا يرجع الى ما ذكر في الاعتراض الثالث من استصحاب الملازمة التي قلنا بانها لا يترتب عليها اثر من ناحية التنجيز والتعذير ، واثبات المستصحب بها من الأصل المثبت ، بل هو بصدد استصحاب حكم شرعي ثابت للعنب لكنه منوط بالغليان .

الثاني : كما ان ما ذكره ( قد ) لا يرجع الى ما ذكر في الاعتراض الرابع لانه لم يفترض العلم بل هو ناظر الى الحرمة وهي تارة تكون مطلقة وأخرى منوطة ولا مشكلة في ذلك فالعلم بالحرمة المنوطة بالغليان يكون فعليا فيتوفر الركن الأول من اركان الاستصحاب ،

واعترض عليه : بان ما يدخل في التنجيز على المكلف هو ما يبرزه الشارع بخطاباته وجعله ، والاختلاف في كيفية اخذ القيدين لا يغير من واقع الحكم وروحه التي هي الإرادة والكراهة شيئا فان التغير في التعبير من عالم الجعل والانشاء ولا يدخل في واقع الحكم .