الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

الاعتراض الرابع : ما ذكره المحقق العراقي[1] ( قد ) من ان العلم بالملازمة بين الغليان والحرمة يكون سببا في حصول علم اخر وهو العلم بالحرمة على تقدير الغليان فهو علم منوط بتقدير الغليان وهو علم فعلي قبل تحقق الغليان وان كان علما مشروطا ، وهذا العلم قد يحصل الشك في بقاءه بان يشك في الحرمة بعد الجفاف على تقدير الغليان فيمكن اجراء الاستصحاب لاثبات الحرمة المتيقنة سابقا ، ولا يرد اشكال الميرزا لان الحرمة بهذا التقدير تكون فعلية . وقد نظّر لمحل الكلام بالاخبار في قضية ( اذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ) فذكر بان هذا اخبار عن وجود النهار على تقدير طلوع الشمس وهو اخبار فعلي قبل طلوع الشمس .

وجوابه : ان الاخبار في القضية الشرطية ليس اخبارا عن وجود اللازم وهو النهار في المثال لا مطلقا ولا منوطا

لان الشرط اما ان يكون قيدا للمخبر به او يكون قيدا للاخبار وكل منهما غير معقول ، اما المخبر به فمحذوره ما نقلناه عن المحقق العراقي من ان لازم هذا ان كلا من المقيد والقيد يكون واقعا تحت الاخبار فهو يخبر عن المقيد بما هو مقيد والاخبار عنه كذلك اخبار عن القيد والمقيد وهذا مما لا يمكن الالتزام به لاننا حتى لو تنزلنا و سلمنا بان هذه الجملة اخبار عن وجود النهار الواقعي الا انها ليست اخبارا عن طلوع الشمس ، مضافا الى ما ذكره من انه يلزم منه الكذب في بعض الجمل الشرطية كقوله تعالى (( لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا )) فلا يمكن الالتزام بانه اخبار عن وجود الالهة والفساد .

اما لو كان قيدا للاخبار فان القيد في باب المفاهيم الكلية معناه التحصيص والتضييق ، بينما لا يمكن الالتزام بهذا المعنى للتقييد في الموضوعات الخارجية لانها أساسا جزئية فلابد ان يفسر التقييد فيها بالسببية والتوليد،

فان ادعي انه من قبيل الأول فهذا غير صحيح لان الاخبار ليس مفهوما كليا بل هو امر جزئي كحال الأمور التكوينية الخارجية ، فلابد ان يكون من قبيل التقييد في باب الأمور التكوينية الخارجية ومرجعه الى السببية والتوليد ، ولكن من غير المعقول ان يكون تقدير طلوع الشمس سببا للاخبار عن وجود النهار لان الاخبار عن وجود النهار له علله الخاصة ، ومن هنا يمكن ان يقال بان ما ذكره من كون القيد قيد في الاخبار فيكون هناك اخبار فعلي لكنه منوط لا يمكن الالتزام به ، والصحيح ان قول القائل ( اذا طلعت الشمس فالنهار موجود ) اخبار عن الملازمة وليس هو اخبار عن الشرط ولا عن المشروط ،

واما في محل الكلام فذكر بان العلم بالملازمة الثابت سابقا بين الغليان والحرمة يولد علما اخر وهو العلم بالحرمة المنوط بتقدير الغليان وهذا علم فعلي سابقا ،

وفيه : ان كان قيد الغليان قيدا في المعلوم فهذا مرجعه الى دعوى دخول القيد والمقيد تحت العلم لان معنى العلم بالمقيد بما هو مقيد انبساط العلم على كل من المقيد والقيد وهذا خلف الفرض ؛ اذ المفروض عدم وجود الغليان سابقا .

فلا بد ان يكون قيدا للعلم -كما ذكر هو (قد)- فيكون العلم منوطا بتقدير الغليان فياتي الكلام السابق فان كان مرجع تقييد العلم بالغليان الى التحصيص فهذا محال لأننا لا نتكلم عن مفهوم كلي بل نتكلم عن علم المكلف بالحرمة على تقدير الغليان ، وان قلنا بان مرجعه الى السببية والتولد فياتي انه لا يمكن ان يكون سبب العلم بالحرمة هو الغليان لان العلم بالحرمة له مناشئه الخاصة فاذا احرز المكلف الجعل وتحقق الموضوع خارجا اصبح عالما بالحرمة .

ومن هنا لابد ان يقال بانه في محل الكلام لا يوجد الا علم واحد بالملازمة بين الشرط والجزاء ولا يوجد علم بالجزاء حتى بنحو مشروط


[1] نهاية الافكار، العراقي، آقا ضياء الدين، ج1، ص297.