39/10/12
الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب
الاعتراضات على ما ذهب اليه المحقق النائيني من عدم جريان الاستصحاب التعليقي :تقدم الكلام حول الاعتراض الثاني على ما ذهب اليه الميرزا النائيني من المنع من جريان الاستصحاب التعليقي وهو ما ذهب اليه الشييخ الأعظم[1] ( قد ) من محاولة التعويض عن الاستصحاب التعليقي باستصحاب تنجيزي يجري في السببية والملازمة بين الغليان والحرمة
وقد أورد عليه السيد الخوئي[2] ( قد ) : بانه مع افتراض عدم تحقق الحكم التكليفي سابقا فالسببية المنتزعة منه لا تكون متحققة
وقلنا : بان الظاهر ان الشيخ ( قد ) لا يدعي ان السببية منتزعة من الحرمة الفعلية ،كيف والمفروض انه قد عدل عن الاستصحاب التعليقي لعدم ثبوت الحكم الفعلي سابقا ، فلابد ان يفسر كلامه بكون السببية منتزعة من الجعل لا المجعول و لا شك في ثبوت الجعل في الزمان السابق .
والصحيح في الجواب ان يقال : ان كان المقصود استصحاب السببية المنتزعة من المجعول فلا تحقق لها سابقا ، وان كان المقصود استصحاب السببية المنتزعة من الجعل فهذه وان كان لها وجود فعلي سابقا ولكن لا شك في بقائها .
مضافا الى الاشكال الذي ذكرناه في الدرس السابقالاعتراض الثالث : وحاصله ان الحكم بحرمة العنب المغلي مجعول على نهج القضية الحقيقية ومقتضى ذلك انها كما تعم الافراد المحققة الوجود كذلك تعم الافراد المقدرة الوجود ، وبناءا على ذلك فالحرمة تكون فعلية على العنب المغلي الذي تحقق الغليان فيه فعلا وكذلك العنب المغلي المقدر الوجود ، وعليه فاذا زالت الرطوبة وحصل الجفاف فشككنا في هذه الحرمة التي كانت فعلية فيمكن اجراء الاستصحاب فيها ،
وجوابه ان معنى كون القضة حقيقية هو ان كل فرد يفرض يشمله الحكم بعد كونه مصداقا للموضوع المذكور فيها ، وهذا غير متحقق في محل الكلام لأننا لا نتحدث عن العنب المغلي وانما نتحدث عن زبيب حصل له الغليان بعد جفافه ولم يحصل له الغليان حال عنبيته ،
الاعتراض الرابع[3] : ما يقال من ان العلم الفعلي تارة يكون مطلقا وغير مقيد وأخرى يكون منوطا ومقيدا بشيء ، فالعلم بالملازمة بين الغليان والحرمة علم فعلي يتولد منه علم فعلي اخر منوط ومشروط وهو العلم بالحرمة على تقدير و فرض الغليان ، ويمكن التمثيل لهذا الامر في باب الاخبار فان الاخبار تارة يكون مطلقا وأخرى مقيدا ، فلو قال القائل ( اذا طلعت الشمس فالنهار موجود ) فهذا اخبار بامر خارجي وهو وجود النهار على تقدير طلوع الشمس ، ولا معنى لافتراض انه اخبار عن وجود النهار مطلقا انما هو اخبار مقيد بفرض وتقدير وهو طلوع الشمس ، كما انه ليس اخبارا عن الملازمة فحسب ،
كما ان هذا القيد قيد في الاخبار لا في المخبر به ، فان معنى كونه قيدا في المخبر به ان المخبر يخبر بكل من القيد والمقيد وهذا يلزم منه الكذب في بعض القضايا من قبيل قوله تعالى (( لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا )) فمن الواضح ان هذا ليس اخبارا عن المقيد بهذا القيد ، بل هذا قيد للاخبار ،ثم ذكر بانه ليس معنى قيدية طلوع الشمس في الاخبار بوجود النهار هو ان طلوع الشمس بوجوده الخارجي يكون قيدا في الاخبار لوضوح ان الاخبار بذلك يتحقق قبل تحقق طلوع الشمس خارجا ، بل حتى لو كان تحقق القيد محالا يكون الاخبار متحققا كما في الاية الشريفة ، فالقيد يكون قيدا للاخبار بوجوده اللحاظي التقديري ، فمعنى قيدية طلوع الشمس في الاخبار عن وجود النهار هو انه يخبر عن وجود النهار في فرض طلوع الشمس .
والكلام في باب العلم من هذا القبيل فان العلم بالملازمة بين الغليان وبين الحرمة لايمكن انكار كونه علم فعلي وموجود وهو يولد لنا علما اخر مشروط وهو العلم بالحرمة في فرض الغليان وهو علم فعلي ولكنه مقيد ومنوط بالغليان ويتبعه ويلازمه بعد الجفاف الشك بالحرمة المنوط بفرض الغليان ، وحينئذ يمكن جريان الاستصحاب المنوط بالغليان في المقام لان المكلف كان على يقين بالحرمة في فرض الغليان فيستصحب ذلك اليقين فيكون عالما بالحرمة في فرض الغليان تعبدا ، فكانه يريد ان يقول بان القضايا ليست محصورة بما ذكره المحقق النائيني ( قد ) حين اشكل في استصحاب الجعل والمجعول والملازمة ، فهناك شق رابع يمكن ان يجري فيه الاستصحاب وهو استصحاب الحرمة في فرض الغليان .