الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/10/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

الاعتراضات على ما ذهب اليه المحقق النائيني من عدم جريان الاستصحاب التعليقي :

الاعتراض الثاني : ما ذهب اليه الشييخ الأعظم[1] ( قد ) حيث عدل عن الاستصحاب التعليقي الى استصحاب تنجيزي يجري في السببية والملازمة بين الغليان والحرمة في المثال وذكر بان هذه السببية فعلية قبل تحقق الغليان خارجا لانها قضية شرطية والملازمة فيها لا تتوقف على تحقق طرفيها ، فسببية الغليان للحرمة كانت ثابتة سابقا بثبوت فعلي فاذا شك في هذه السببية بسبب ذهاب الرطوبة فمن الممكن استصحابها ، فيمكن الوصول الى نفس النتيجة عن طريق التعويض عن الاستصحاب التعليقي للحرمة بالاستصحاب التنجيزي للسببية،

وبقطع النظر عن كون هذا اعتراض على ما ذكره الميرزا ( قد ) -فقد توصل الى نفس نتيجة الاستصحاب التعليقي- ام لا .

فقد يعترض على هذا الوجه بما ذكره السيد الخوئي[2] ( قد ) من ان السببية والملازمة من الاحكام الوضعية، وقد ذهب الشيخ ( قد ) الى انها تابعة ومنتزعة من الاحكام التكليفية ، فعدم جريان الاستصحاب في الحكم التكليفي لعدم ثبوته سابقا يمنع من جريانه في الامر المنتزع منه ،

أقول : هذا الاعتراض يمكن التامل فيه باعتبار ان الشيخ ( قد ) لا يدعي ان السببية منتزعة من الحرمة الفعلية حتى يقال بعدم ثبوتها سابقا ،كيف والمفروض انه قد عدل عن الاستصحاب التعليقي الى الاستصحاب التنجيزي ، انما هو يرى انها منتزعة من الجعل لا المجعول وهو لا شك في ثبوته في الزمان السابق .

والصحيح في الجواب ان يقال : ان كان المقصود باستصحاب السببية اثبات الحرمة في الزمان السابق ، فالاستصحاب بهذا اللحاظ يكون أصلا مثبتا لان الحرمة تترتب على السببية ترتبا عقليا لا شرعيا ، لان الذي تترتب عليه الحرمة شرعا هو ذات السبب لا السببية ،

وان اريد باستصحاب السببية التعبد بذات السببية من دون اثبات الحرمة ، فهذا الاستصحاب لا ينتهي الى اثر عملي بلحاظ التنجيز والتعذير فلا تشمله ادلة الاستصحاب ،

ومن هنا يظهر ان هذا الاعتراض لا يكون واردا على الدليل الذي ذكره المحقق النائيني ( قد ) في محل الكلام ، ان قلنا بان هذا اعتراض عليه .

الاعتراض الثالث : ما ذكره المحقق الاصفهاني[3] (قد ) في حاشيته على الكفاية وحاصله : ان الحكم بحرمة العصير العنبي المغلي مجعول على نهج القضية الحقيقية لا على نهج القضية الخارجية ولازم ذلك شمول هذا الحكم للافراد المقدرة أيضا ، وبناءا على هذا تكون الحرمة فعلية على الافراد المقدرة الوجود كما هو الحال في الافراد المحققة الوجود بلا فرق بينهما ، فاذا كانت الحرمة ثابتة للافراد المقدرة الوجود سابقا وقبل ثبوت الغليان خارجا فعند الشك في بقاء هذه الحرمة بسبب زوال حالة من الحالات التي يحتمل دخالتها في هذه الحرمة يجري فيها الاستصحاب من دون ان يلزم أي محذور ،

وهذا الاعتراض يختلف عن الاعتراض الأول المتقدم فان المقصود هناك هو اثبات الحرمة الكلية المنوطة بلحاظ الموضوع وقيوده من قبل الجاعل ، بينما هذا الاعتراض ناظر الى حرمة جزئية منوطة بالغليان الخارجي ويدعي بان الغليان الخارجي له افراد محققة الوجود وله افراد مقدرة الوجود وهذه الحرمة الجزئية المنوطة بالغليان الخارجي تكون ثابتة وفعلية للافراد المقدرة الوجود فاذا شككنا فيها فبالامكان استصحاب بقائها .وهذا الاعتراض يكون أوضح لو فرضنا ان القيد راجع للموضوع لا الى لحكم لان القيد اذا كان راجعا الى الموضوع كما في قوله ( العنب المغلي حرام ) لا يكون في الحكم أي تعليق ،

والجواب عن هذا الاعتراض بان يقال : ان معنى كون القضية حقيقية هو عدم اختصاصها بالافراد الموجودة بالفعل في الخارج بل هي تشمل كل ما يكون مصداقا للموضوع وان لم يكن متحققا بالفعل في الخارج ، فاذا قيل ( العنب المغلي حرام ) فمعنى كونها قضية حقيقية هو عدم اختصاص الحرمة بمصاديق العنب المغلي المتحققة في الخارج انما هي شاملة لمصاديق العنب المغلي المقدرة الوجود بل لا يوجد شك في حكم هذه الافراد حتى نحتاج الى استصحاب الحكم السابق وهذا شان كل القضايا الحقيقية ، وشمول الحكم للافراد مشروط بكون الفرد مصداقا للموضوع في القضية الحقيقية ، الا ان هذا غير متحقق في محل الكلام


[1] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص223.
[2] مصباح الأصول، تقرير بحث السيد أبوالقاسم الخوئي، السيد محمد الواعظ الحسيني، ج3، ص138.
[3] نهاية الدراية في شرح الکفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص205، ط قديم.