39/08/05
وفيه: ان افتراض ان الشك المفروغ عنه في دليل الاستصحاب في مرتبة سابقة على الجعل والاعتبار لا يحل المشكلة، لان المشكلة في ان الجعل مبني على افتراض هذا الشك فكيف يأتي الجعل ويلغيه، ومن هنا يظهر تمامية هذه الملاحظة على الوجه الثالث.
بالإضافة الى انه: لو تنزلنا وقلنا بانه لا مانع من افتراض دلالة ادلة الاستصحاب على التعبد ببقاء اليقين؛ بان يكون النهي عن النقض العملي لليقين كناية عن عدم انتقاض اليقين، فيرد عليه انه يكفي لإشباع هذا المعنى الكنائي ان نقول بان الشك ينزل منزلة اليقين بلحاظ اثار القطع الطريقي أي بلحاظ التنجيز والتعذير، لان المعنى الكنائي يكفي فيه ان يكون هذا النهي ارشادا وكناية عن بقاء اليقين بلحاظ الجري العملي، ولا يتوقف تحقق المعنى الكنائي على ان يكون ارشادا الى بقاءه حتى بلحاظ اثار القطع الموضوعي،
لا يقال : يمكن التمسك بالإطلاق لإثبات ذلك ، لانا نقول : ان المدعى في هذا التقريب ان التعبد ببقاء اليقين ليس مدلولا مطابقيا لدليل الاستصحاب بل هو معنى كنائي ولا يمكن التمسك بالإطلاق لإثبات ان حدود هذا المعنى الكنائي في تنزيل الشك منزلة اليقين بلحاظ جميع اثار اليقين ، عند الشك في ان التنزيل بلحاظ جميع اثار اليقين ام بلحاظ اثار خاصة له ، لان الاطلاق انما يصح التمسك به لنفي اعتبار قيد في مدلول الدليل وفي المقام لا يوجد شك في وجود قيد في المدلول المطابقي حتى ننفيه بالإطلاق، و لا يمكن اجراء الاطلاق بلحاظ المعنى الكنائي لأنه قائم على اساس وجود ملازمة بينه وبين المدلول المطابقي فليس بإمكان الاطلاق ان يعين احد المعنيين الكنائيين،
وحينئذ يقال: بانه لا يمكن التمسك بالاطلاق، والمتيقن من التنزيل هو هذه الاثار الخاصة، ويبقى تنزيل الشك منزلة اليقين بما هو يقين موضوعي مما لا دليل عليه اذ يكفي في اشباع الكناية التعبد ببقاء اليقين بلحاظ الاثار الخاصة لوضوح ان المعنى الكنائي لا يتوقف على أكثر من ذلك.ومن هنا يظهر عدم تمامية شيء من الادلة الثلاثة المذكورة، والصحيح في المقام ان الاستصحاب لا يقوم مقام القطع الموضوعي بدليل اعتباره.
الاول: ان الشك مأخوذ في موضوع دليل الاستصحاب وكل عنوان يؤخذ في موضوع حكم له ظهور عرفي في الفعلية
الثاني : ومرجعه الى ان الاحكام الظاهرية انما تجعل لأجل تنجيز الواقع او التعذير منه وليس لها ملاكات واقعية ، وحينئذ فلا يعقل جعلها حين الغفلة عن كبرى ذلك الحكم الظاهري او صغراه لوضوح انه لا يكون منجزا للواقع على المكلف الغافل وبذلك يفقد الحكم الظاهري مبرر وجوده ، والاستصحاب من جملة الاحكام الظاهرية فهو قابل لان يكون منجزا للواقع او معذر عنه في حال الالتفات اما عند الغفلة فلا يكون قابلا لذلك ، فمع فرض الغفلة لا يوجد شك لا فعلي ولا ارتكازي وهذا يعني غفلة المكلف عن الاستصحاب لتقومه بالشك فلا يمكن جعله منجزا للواقع مع غفلته عنه .
ولذا قالوا تختص موارد جريان الاستصحاب بالشك الفعلي دون التقديري.